فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

قواعد احتياطية للتربية الجنسية للطفل

الكاتب : يوسف مدن

القراء : 10105

قواعد احتياطية للتربية الجنسية للطفل

تثقيف الطفل جنسياً وفقهياً


* يوسف مدن

إنّ الطفل بحاجة منذ بدء تعقله، وتمييزه للأمور إلى إمداده بالمعلومات الجنسية التي تلائم سنه، وتعليمه بمختلف الأحكام الفقهية شيئاً فشيئاً، خاصة ما يحتاج إليها من آداب التربية الجنسية، كتدريبه على كيفية الاستنجاء، والاستبراء إن كان ذكراً، وضرورة إدارة وجهه ـ وقت التخلي ـ عن القبلة استقبالاً واستدباراً، وكيفية تطهير ملابسه من البول والغائط، وغسل بقع الدم من جسمه أو ثيابه حين وقت الصلاة أو غيرها.
ومهمة المربي تدريبه عملياً على فهم هذه الأحكام بالممارسة، والإشراف على مدى نجاح الطفل المميز في التطبيق للاطمئنان على تفاعله مع هذه الأحكام، فليس مهماً فحسب أن يخزن الطفل هذه المعلومات الفقهية في عقله، وإنما يتفاعل معها بإرادته، ويحاول دائماً تطبيقها طواعية، حتى لو كان اتقانها لها في المحاولات الأولى ضعيفاً، فالممارسة الدائمة كفيلة بتحسن اتقانه.
والطفل ـ عادة ـ إما أن يسال بنفسه عن بعض المعلومات الجنسية والفقهية أو يبادر المربي إلى تثقيفه، وتدريبه ـ علمياً ـ على هذه الأفعال، فقد يسأل الطفل أمه ـ مثلاً ـ عن سبب نهرها له عندما أراد التخلي مستقبلاً للقبلة أو مستدبراً، وربما لا يسأل عن سر ذلك، وقد يلح عليه والده بإزالة بقع الدم من ثيابه حينما ينوي الصلاة، ويلتفت الصبي إلى هذا فيسأله أو لا ينتبه إلى ذلك فينفذ الأمر دون فهم، وهنا لابد من توضيح هذه الأمور للطفل نظرياً وعملياً.
إن هذا الإعداد المبكر يوفر قدرة أفضل للطفل المميز للتكيف السليم مع المواقف الجنسية، ويحميه من حرج شديد قد يتعرض له مستقبلاً، وبخاصة في فترة البلوغ.

1 ـ الاستئذان:
شدد المشرع الإسلامي على أدب الاستئذان منذ الصغر، باعتباره مدخلاً لقاعدة الاحتشام وقد نصت الآيتان رقم 58 ـ 59 من سورة النور على هذا المبدأ، وقد آن الأوان أن يعود إلى البيوت المسلمة بعد غياب طويلن تعرضت فيه هذه البيوت إلى تجاوزات ضد أحكام العورة وآداب العلاقة الزوجية بأسرها.
وبمعاينة الآيتين الشريفتين المذكور نجد المشرع يشير إلى فترتين لتطبيقه، عملاً بمبدأ التدرج في التربية الجنسية للطفل، فالفترة الأولى سمح المشرع للأرقاء والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم ـ خاصة المميزين ـ بالدخول على غيرهم، وبالذات الأبوين، ما عدا ثلاثة أوقات هي: قبل صلاة الفجر ... وحين وضع الثياب من الظهيرة ... ومن بعد صلاة العشاء، فهذه الأوقات ثلاثة عورات لا ينبغي لأحد حتى الصغار الذين لم يبلغوا، حق الدخول على غيرهم.
ويظل هذا الأدب هو الصورة الطبيعية بين الآباء وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم، ولكن الأمر يتغير بأسره بدخول الطفل فترة البلوغ، والتكليف الشرعي، والإلزام في تطبيق الأوامر والنواهي الإلهية، وعندئذ يدخل مبدأ الاستئذان عهداً آخر، ويظل هو نمط العلاقة الأسرية، والاجتماعية في كل حين، فلا يمكن للبالغ أن يدخل على غيره بغير استئذان في مختلف الأوقات، صيانة لأعراض المنازل، وحفاظاً على تماسك الروابط العائلية، بل ترتب عن هذا المبدأ قبل البلوغ وبعد أحكام أخرى تتعلق بالنظر إلى العورة، والعلاقة الجنسية، وأحوال الغير.
قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم، والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات، من قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء، ثلاث عورات لكم، ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن، طوّافون عليكم بعضكم على بعض، كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم) سورة النور/ آية 58.
هذا ما يخص الفترة الأولى، استئذان في ثلاثة أوقات.
أما ما يخص الفترة الثانية فيكون بعد البلوغ، وبداية عهد التكليف، يكون الاستئذان فيه شاملاً لكل الأوقات بمقتضى قوله تعالى: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم، فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم، وكذلك يبين الله لكم آياته، والله عليم حكيم) سورة النور/ آية 59.
وسر لاستئذان واضح للجميع، فبدونه يتم الاطلاع على العورات فيؤثر ذلك على نفسية الطفل المميز، وربما تظل المناظر المثيرة تلاحق ذهنه حتى ما بعد بلوغه، فيحدث له ضرراً بالغاً، يضعه بين براثن الصراعات، والأمراض العصابية، فهل تمحى ـ مثلاً من ذهنه صورة أمه، وهي بين أحضان أبيه، يقبلها أو يداعبها أو يجامعها؟

3 ـ تعيين ضوابط النظر والتستر:
تشمل هذه المسألة نقطتين هامتين هما ستر العورة للأبوين عن طفلهما وبخاصة المرأة، والمسألة الثانية نوع الملابس وتأثيرها على نفسية الطفل.
فأما بالنسبة للمسألة الأولى فيمكن القول بأنه يجب على البالغ المكلف ستر عورته عن نظر الطفل المميز، كما يحرم على البالغ أن ينظر إلى عورة الطفل المميز أو يلمسها بشهوة، لأن الصبي المميز يحسن وصف ما يرى، وأكد الفقهاء بأنه: يجب على كل من الرجل والمرأة ستر عورتهما عن الناظر البالغ، وعن الناظر المميز ـ غير البالغ، وهو الصبي أو الفتاة الذي يكون على درجة من النباهة والوعي. بحيث يتأثر بالأشياء ويعقلها من دون تحديد للعمر.
لكن "يجوز للبالغ أن ينظر، ويلمس كل شيء من جسد غير البالغ ولو كان مميزاً من دون شهوة سواء مع الاختلاف في الذكورة والأنوثة أو الاتفاق، وإذا ترتب على النظر إلى غير البالغ المميز فتنة الناظر، فإنه يحرم النظر عند ذلك ـ على الأحوط ـ لزوماً. هذا بالنسبة للنظر إلى عورة الأجنبي.
لكن المشرع تسامح ـ أن يرى الطفل المميز ـ شعرها، وذراعيها، وساقيها، ورقبتها عدا العورة "يجوز للرجل أن ينظر إلى جسد محارمه من النساء بدون شهوة، ويحرم عليه النظر إلى العورة، كذلك يحرم عليه النظر إلى ما بين السرة والركبة من جسدهن على الأحوط سواء مع الشهوة أو بدونها، ويجوز للمرأة أن تنظر إلى جسد محارمها من الرجال من دون شهوة، ويحرم عليها النظر إلى نفس العورة ولو من دون شهوة.
ولهذا يجب أن تخفي المرأة زينتها قدر المستطاع أمام طفلها المميز إلا ما أجازه المشرع مثل كشف شعر الرأس والرقبة والذراع، وإظهار قلادتها، والدملج وما دونه، وما يوضع من أدوات الزينة في اليد والرجل أعلى الصدر شرط أن يكون التزين غير مبالغ، لئلا يكون سبباً للفت نظر الطفل المميز إلى أمر يضر بمستقبل تربيته الجنسية.
والمسألة الأخرى هي الملابس، باعتبارها عاملاً مسبباً للشهوة أو ضابطاً لها، لهذا لفت المشرع نظرنا إلى ضرورة أن تكون هذه الملابس ساترة، واسعة لا تثير فتنة الناظر وإغراؤه جنسياً. وبالرغم من أن بعض الفقهاء أجازوا صحة التستر بالثياب الضيقة، غير أنهم أوجبوا الستر بنحو لا يوجب بروز العورة إذا كان ذلك سبباً لفتنة الناظر فالأفضل في جميع الحالات أن تكون الثياب غير مجسمة للعورة، ولا مبرزة لمفاتن الجسد، فكلما كانت الثياب واسعة فضفاضة، كان أكمل وأحسن من الناحية الشرعية والصحية. كالالتزام بقواعد النظافة، والبعد عن المهيجات الجنسية.
والواقع أن تعليمات المشرع الإسلامي في مسألة اللباس السليم ليست موجهة للكبار فحسب لمنع إثارة وتهيج الشهوة عند غيرهم، بل إنه يطالب بتدريب الطفل على ارتداء الملابس الواسعة ليتعود عليها مستقبلاً، ولتحميه من مهيجات الشهوة خاصة في فترة البلوغ، فالملابس الضيقة تلامس جسمه باستمرار وبشكل عادي، فتسبب له تهيجاً شهوياً أثناء فترة نضجه الجنسي كالرغبة في العادة السرية أو "الاستمناء".
يقول الأستاذ الغوصي: "يجب أن تراعى القواعد البسيطة التي قد تساعد الطفل على وقايته من الاستمناء كاتساع الملابس، والنظافة المحلية، ومنع المهيجات بأنواعها المختلفة".

4 ـ إبعاد الطفل عن العملية الجنسية:
ينعقد رأي الكثير من المربين على ضرورة إبعاد الطفل ـ خاصة المميز ـ عن رؤية العملية الجنسية بين الزوجين، لخطورتها الكبيرة على استقامته مستقبلاً، لهذا ينبغي أن يظل العمل الجنسي بينهما في نطاق السرية والكتمان، وأن نساهلهما إزاءه بسبب مشكلات نفسية للأطفال المميزين، والمراهقين، ولعل أبرز هذه المشكلات الرغبة في الزنا أو اللواطية أو أي مظهر منحرف للنشاط الجنسي.
ومن هنا فإن رأي المشرع الإسلامي يقوم على أساس حكمين، أحدهما كراهة أن ينظر طفل غير مميز للأبوين في أية علاقة جنسية بينهما، والآخر حرمة رؤية الطفل المميز لهذه السلوك، لأن الأول لا يحسن الوصف لما يراه، والثاني يميز فيصف لما يرى، وقد سبق اكثر من مرة أن قلنا أن هذا الاطلاع على الممارسة بين أبوي ـ الطفل المميز ـ يدخله أحياناً في تجربة جنسية لا يعلم بمخاطرها عليه.

5ـ التفريق بين الأبناء في المضاجع:
هذا العزل في مضاجع الذكور والإناث، ومضاجع أفراد كل جنس على حدة، يعتبر قاعدة تربوية أخرى لنجاح تربيتنا الجنسية لأطفالنا، فعن طريق ـ التفريق ـ يبعد الأولاد عن غرفة الوالدين، ويتم عزلهم عن نطاق المكان الذي تتم ثه العملية الجنسية بينهما، كما أن عزل الذكور عن الإناث، بحيث يكون لأفراد كل جنس غرف خاصة مستقلة، يجنب الأولاد من الجنسين أية احتكاكات بدنية يمكن أن تؤدي إلى بعض المداعبات الجنسية الخطرة.
ولا يخفى أن يكون العزل في المضاجع وسيلة تربوية يشعر فيها كل عضو من الأسرة بما يمتلكه، بحيث لا يمكن لغيره استعماله بغير موافقته، فقد يحصل على غرفة مستقلة بأدواتها، وليس من حق أحد أن يتدخل في كيفية تنظيمها، وترتيب أثاثها، واستعمال أدواتها، وبالتالي تمكن الفرد من خلال هذا العزل تنمية شعوره بالاستقلالية، والتفرد الخاص لكيانه.
والملاحظ أن المشرع كما سبق القول، لا يحدد سناً معيناً واحداً للبدء بعملية التفريق بين الأبناء في المضاجع، فحيناً تحدد بعض الروايات العاشرة من العمر للعمل بهذه القاعدة التربوية، وحيناً تشير روايات أخرى إلى سن السادسة أو السابعة أو الثامنة كنقطة بدء، ولعل تفاوت الروايات في تحديد سن العمل بمبدأ العزل بين الأبناء في الفراش، يعود إلى فوارق النضج الجنسي بين الأطفال المميزين ـ ذكوراً وإناثاً ـ من بيئة إلى أخرى، وذلك باختلاف الظروف الجغرافية، والمناخية، والثقافية بين الناس، والمهم أن ينتبه المربي المسلم إلى ذلك.
فمثلاً قال النبي (ص) عن هذا الموضوع: "الصبي والصبي، والصبي والصبية، والصبية والصبية يفرق بينهم في المضاجع لعشر سنين".

6 ـ المسكن الملائم:
كي يتمكن المربي المسلم من إرساء قواعد التربية الجنسية في شخصية الطفل المميز ـ خاصة الاستئذان، والتفرقة في المضاجع ـ يحتاج إلى دار سكن واسعة، ملائمة صحياً، فتوفير المنزل المناسب حق ضمنه المشرع الإسلامي لكل أفراد المجتمع المسلم، بل إنه جعل من سعة المنزل راحة للمؤمن وسعادة لدنياه، وقد أشارت النصوص الإسلامية بصراحة إلى أهمية المنزل الواسع في حياة الفرد المسلم.
فالبيت الواسع، الملائم يمثل مجالاً كبيراً لتربية أطفالنا المميزين على قواعد التربية الجنسية، وبدونه تُعاق قدرة المربي المسلم ـ وبخاصة الأب والأم ـ عن تطبيق دقيق، ومحكم لبعض هذه القواعد، فكيف يدرب طفله على سلوك الاستئذان وهو لا يملك في بيته سوى غرفة نوم واحدة؟ وكيف يتمكن من التفريق بين أبنائهم في المضاجع، وبيته لا يضم سوى غرفتين للنوم، إحداها للأبوين، والأخرى يتكدس فيها الأبناء ذكوراً وإناثاً؟ وهل يمكنه منع الإثارات الجنسية، وهو لا يملك الظروف الصحيحة لإبعاد طفله عن هذه الإثارات. وبالتأكيد تختفي هذه المشاكل جميعاً أو أغلبها بضمان حق الفرد المسلم في المسكن الواسع.
 
البلاغ
 

 أطبع المقال أرسل المقال لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6502800 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة