فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

ما هو العنف الموجه ضد المرأة

الكاتب : .

القراء : 12209

ما هو العنف الموجه ضد المرأة؟

تتعدد التعريفات الخاصة بالعنف ضد المرأة ويأتي هذا التعدد نتيجة لأن أشكال العنف تدخل في مجالات متعددة فهنالك العنف الاجتماعي ، الاقتصادي ، السياسي ، الصحي ...الخ وبالتالي فهنالك عدد كبير من التعريفات للعنف ضد المرأة والتي تهدف إلى تعريف الظاهرة بما يخدم مصلحة المجال .
 
"التعريف العالمي للعنف
يعرف العنف ضد المرأة في الإعلان العالمي لمناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة على أنه يعني:
" أي اعتداء ضد المرأة المبني على أساس الجنس والذي يتسبب أو قد يتسبب في إحداث إيذاء أو ألم جسدي ، جنسي أو نفسي للمرأة ، ويشمل أيضا التهديد بهذا الاعتداء أو الضغط أو الحرمان التعسفي للحريات سواء حدث في إطار الحياة العامة أو الخاصة" .
ونجد في التعريف العالمي للعنف توضيحا شاملا لما هو العنف الموجه ضد المرأة ، بحيث يتضمن التعريف الأفعال التي من شأنها إلحاق الأذى بالمرأة حتى لو لم تؤدي فعلا إلى هذا الضرر .
وتشير عدد من الدراسات في تعريفاتها للعنف على أنه استخدام للقوة والسيطرة على المرأة ، وأن العنف بحد ذاته ليس هو المقصود بل هو تعبير عن أن السلطة هي للرجل ويتم التعبير عن هذه السلطة والقوة من خلال تعريض المرأة لأشكال مختلفة من العنف بحيث تبقى مهمشة وغير قادرة على النهوض بمستواها الاجتماعي والعلمي

"أشكال العنف الموجه ضد المرأة 
1- العنف الجسدي
2- العنف النفسي
3- العنف الجنسي
تمثل الأشكال الثلاث شكل العنف الذي تتعرض له المرأة ، إلا أنه يندرج تحتها عدد كبير من الأفعال والتي قد تبدأ بفعل بسيط لتنتهي بالقضاء على حياة المرأة .
العنف الجسدي والذي يتمثل بأي إساءة موجه لجسد المرأة من لكم ، صفع ، ركل ، رمي بالأجساد الصلبة ، استخدام لبعض الآلات الحادة أو التلويح بها للتهديد باستخدامها .
العنف النفسي والعاطفي ، والذي من شأنه التقليل من أهمية المرأة من خلال إطلاق بعض الألقاب عليها ونعتها بصفات لا تليق بكائن بشري ، فالسب والشتم والتهميش ، الهجر ، الإهمال ، كلها أشكال للعنف الموجه ضد المرأة ، وأيضا يعرف العنف النفسي على أنه أي سلوك يعمل على منع المرأة من ممارسة أعمال ترغب بالقيام بها مثل استكمال التعليم أو الخروج للعمل أو التزويج
العنف الجنسي ، لدى ذكر كلمة العنف الجنسي يتبادر إلى الأذهان بأنه الاغتصاب ، إلا أن الاغتصاب هو أحد أشكال العنف الجنسي ضد المرأة وأقلها حدوثا في مجتمعنا ، وهناك أشكالا أخرى من العنف الجنسي والذي تتعرض له المرأة بشكل يومي ويعرف العنف الجنسي على أنه أي فعل أو قول يمس كرامة المرأة ويخدش خصوصية جسدها ، من تعليقات جنسية سواء في الشارع أو عبر الهاتف أو من خلال محاولة لمس أي عضو من أعضاء جسدها دون رغبة منها بذلك .

"من هو المعنف 
لسنوات عديدة كان المعنف يعتبر مجهولا ومن الغرباء فكان دائما يتم تحذير الأبناء والبنات من الغرباء والذين يرتدون معطفا أسود ويحاولون إغوائهم بالمال أو بالشكولاته لكي يقوموا باختطافهم ، إلا أن صورة المعنف اختلفت الآن حيث تشير الدراسات إلى أن 95 ./. من المعنفين معروفين بالنسبة للضحايا ، وعلى الأغلب من الأسرة نفسها ، وتبقى نسبة 5./. للغرباء ، وبالتالي فإن حجم العنف الواقع على المرأة هو من الذكور المحيطين بها سواء الزوج والذي تؤكد دراسة " المفاهيم الخاصة بالعنف الأسري والتي قام بها معهد الملكة زين الشرف بأنه يأتي في الدرجة الأولى يليه الأب ومن ثم الأخ .

"حقائق وأرقام حول العنف
هناك الكثير من الأقاويل حول العنف والتي تتردد ، وقد أصبحت بمثابة حقائق في مجتمعنا ، فيقال بأن العنف أمر نادر الحدوث في مجتمعنا والحقيقة هي أن العنف أمر شائع في مجتمعنا وأن الدراسات الحديثة العالمية تؤكد بأن امرأة من كل أربع نساء تتعرض للعنف بشكل يومي .
كما يتردد بأن العنف ضد المرأة يحدث في المناطق الفقيرة ولدى الفئات الغير متعلمة ، بالرغم من أن العنف يحدث في جميع المناطق وبين جميع الفئات ، وقد تختلف الأساليب في استخدام العنف فيما بين هذه الطبقات فبينما يستطيع جميع المحيطين بالعائلة المعرفة عن الضرب ومشاهدته دون تحريك ساكنا، يكون العنف في المناطق الأكثر غناء مخبأ ومن الصعب معرفته نتيجة لتباعد المساكن عن بعضها وأن شكل العلاقات مختلف أيضا بحيث يكون محسوبا وليس تلقائيا مما يصعب على المرأة البوح عن العنف ويضيق الدائرة عليها بشكل أكبر .

ولأن العنف ما زال يدور ضمن حلقة الشأن العائلي ولا يصرح عنه إلا من القليلات من النساء فما زالت الأرقام الخاصة بالعنف ضد المرأة مجهولة وتستند على النساء اللواتي يراجعن مراكز الإرشاد أو المحاكم والدوائر الأمنية ، ولعدم وجود دراسات متخصصة في الأردن فإننا مازلنا نجهل حجم المشكلة الحقيقي لها ، إلا أن ما يتردد من نساء ولو كن قليلات يبين أن المشكلة في تطور دائم نتيجة لعدم وجود برامج لمحاربتها ، ونتيجة للجهل في الأسباب التي تدفع إلى ارتكابها وبالتالي عدم وجود برامج معممة في مختلف أنحاء المملكة للحد من ظاهرة العنف ضد المرأة ، وفي دراسة لأروى العامري أكد 86./. من طلاب إحدى الجامعات الأردنية بأنهم يعانوا من العنف داخل أسرهم، أما الحالات التي وصلت إلى وحدة حماية الأسرة فقد بلغت 613 حالة عنف أسري 2000 ،و 442 في عام 2001 وترجع إدارة حماية الأسرة تناقص العدد إلي أن الحالات المكررة لا تحسب ، أما بالنسبة لإحصاءات اتحاد المرأة الأردنية كما ورد في تقريرهم الصادر في شهر 6/2002 بأن عدد المراجعات بلغ 6164 حالة عنف عائلي ، وإذا بحثنا في الأرقام العلمية فإننا نجد بأن 30./. من النساء الأمريكيات يتعرضن للعنف ، بحيث تتعرض 1.8 مليون امرأة أمريكية للعنف سنويا ، وفي فرنسا تشكل النساء 95./. من ضحايا العنف وأن 51./. منهن كن ضحايا عنف الزوج، وان حجم الاعتداء على النساء في كرواتيا يصل إلى12 ألف حالة سنويا ، وفي استطلاع شمل 3000 رجل كرواتي اعترف 85./. منهم بأنهم ضربوا نساء سواء خارج العائلة أو داخلها . وفي مصر تتعرض امرأة واحدة من كل ثلاث نساء للضرب من قبل الزوج مرة واحدة على الأقل خلال الزواج.

"العنف ضد المرأة والدين
يرجع العديد من الأشخاص ممارستهم للعنف ضد نسائهم على أنه حق لهم معطى من القرآن الكريم والحديث الشريف ، بحيث يقوموا بأخذ الأقوال الخاصة في هذا الموضوع بشكل منقوص ويقوموا بنشرها حتى أنها أصبحت قناعة لدى الكثيرين ، لكننا إذا نظرنا إلى عدد كبير من الآيات والأحاديث الشريفة سنجد ما يدلل على عكس ذلك فعن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال " أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم " وعن الرسول أيضا " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده امرأة قط ولا خادما ولا ضرب شيئا إلا أن يجاهد في سبيل الله " .
وفي رواية أخرى عن الرسول وهو يخاطب رجلا ضرب زوجته " يظل أحدكم يضرب امرأته ضرب العبد ثم يظل يعانقها فلا يستحي " وقد تطرق الرسول صلى الله عليه وسلم إلى نقطة من أهم النقاط في موضوع الضرب والمعاشرة الجنسية بين الأزواج ، فكيف يمكن لامرأة مضروبة ومهانة أن تقوم بما يترتب عليه من معاشرة زوجية لزوجها بعد أن يكون قد مارس كل أنواع العنف عليها ، وبالمقابل أيضا كيف لشخص لا يحترم زوجته ويقوم بضربها بأن لا يخجل من نفسه على السلوك بل يقوم بمعانقتها كما ذكر رسول الله دون استحياء . كما يعود رسول الله في حادثة أخرى ليقول " لقد طاف بآل محمد نساء كثيرون يشكون أزواجهم ليس أولئك بخياركم " .
ونجد في السيرة النبوية مئات الحوادث التي تؤكد عدم استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للضرب كوسيلة مع زوجاته أو بناته وبما أن السنة هي كل ما ورد عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير ، فيجدر بنا أن نتخذ من الرسول قدوة قال تعالى " ولكم في رسول الله أسوة حسنة" في ولأن الإيمان كل متكامل ، فلا يمكن لنا أن نأخذ من الدين ما يلبي احتياجاتنا وننسى ما هو واجب علينا ، وفي الآيات والأحاديث العديد من الوصايا التي توصينا بالتراحم فيما بينا فعن الرسول " إن المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر البدن بالسهر والحمى " فها هي المرأة تشتكي وهي جزء رئيسي في هذا المجتمع لا يمكن لنا تجاهله ولا يمكن لنا تطوير المجتمع دونها ، فاستمرار بقاء المرأة مهانة لا يمكن أن يطور المجتمع ، فهي من تربي الأطفال ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، فإذا كانت نساءنا مهزوزات غير قادرات على اتخاذ القرار فأجيالنا القادمة ستكون بنفس المستوى .
وتكاد لا تخلوا بطاقة دعوة لزفاف من الآية القرآنية" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " وقد توضع هذه الآية في بطاقة الزفاف دون أن يعرف الناس أبعاد دعوتها الإنسانية والتي تدعوا إلى التراحم بين الزواج والى الهدف الرئيسي من الزواج.
"العنف ضد المرأة والقانون
 
لماذا لا تلجأ المرأة إلى القانون ليحميها من العنف الواقع عليها ؟
سؤال منطقي إلا أننا قبل أن نجيب عليه لا بد لنا من التطرق إلى نصوص القوانين والمتعلقة بالعنف الواقع على النساء ، والباحث في قانون العقوبات الأردني يجد بأنه لا توجد لدينا في الأردن نصوصا خاصا بالعنف ضد المرأة وتعامل قانونيا ضمن قانون العقوبات العام والذي لا يؤمن الحماية للمجني عليها في حال التقدم بالشكوى .
ولإجابة السؤال فإن النساء تخاف من اللجوء إلى المحاكم وذلك لمعرفتها مسبقا بأنها لن تكون في آمان ، بالإضافة إلى أن الإجراءات المتخذة في المحاكم تحول دون استكمال القضية ، حيث أنه لا توجد عقوبات رادعة للمعنف ويمكن له ممارسة سلطاته وضغوطا عديدة لسحب الدعوى وحيث أن معظم هذه القضايا تسقط بإسقاط الحق الشخصي تخرج المرأة كخاسرة مما لا يشجع غيرها على القيام بهذه الخطوة . وفي حالات سجن المعنف تواجه المرأة المشتكية ضغوطا كبيرة تحول دون استمرارها في الشكوى منها أن يكون هو مصدر الدخل الوحيد للأسرة أو أن تمارس عليها ضغوطا من أهلها ومن المقربين كون شكوى المرأة على زوجها أو أخيها من المحظورات في المجتمع وقد توصم بالعار طوال حياتها نتيجة لاستخدامها لهذا الحق .
وتلجأ المرأة إلى القانون في حال معرفتها له ، إلا أن معظم النساء يجهلن حقوقهن المنصوص عليها في القانون والتي بالرغم من أنها قاصرة إلا أنها قد تؤدي بالغرض إذا لم تكن المرأة تشعر بالخوف وفي حال وجدت المرأة من يساندها للمطالبة في هذا الحق.
ولكون العنف الأسري يقع ضمن الشأن الخاص للعائلة ، فإنه من الضروري إفراد مواد خاصة في قانون العقوبات واتخاذ إجراءات من شأنها حماية الأسرة وعدم تعريضها للخطر ، ويطالب العديد من العاملين في مجال حقوق الإنسان بإيجاد عقوبات مختلفة عن الحبس ، لما للعقوبة بالسجن من مخاطر على المرأة والأسرة بكاملها ، مثل غرامة مالية ، أو عقوبة بعمل تطوعي ، أو بالإلزام ببرامج الإرشاد الأسري وذلك من أجل المحافظة على وحدة الأسرة .

"العنف ضد المرأة والإعلام
يعتبر الإعلام من أهم الوسائل التي من خلالها يتم تغيير وتعديل العديد من الموروث الاجتماعي إذا تم توجيه بالشكل الصحيح ، فلم يعد الإعلام مقصورا على فئة محددة من المجتمع كما كان في السابق ، فلا يخلو بيت من تلفاز ، راديو ، أو صحف يومية وأسبوعية فقد أصبحت هذه الوسائل في متناول الجميع ، وكما يقال عن وسائل الإعلام فهي سلاح ذو حدين يمكن أن يكون لخير المجتمع ولضمان استقراره ويمكن أن يعمل على تدميره وإفقاده قيمه الجميلة مثل الحب والخير والصدق .
وإذا نظرنا إلى الإعلام نظرة مطلقة فإننا نجده مازال قاصرا عن الوصول إلى الدور المنوط به اتجاه قضية العنف فالإعلام العالمي والذي يصل إلينا من خلال الأفلام المعروضة في دور السينما أو التلفاز له دور كبير في ابتكار أشكال جديدة للعنف كون أن معظم الأفلام تركز على قضايا بوليسية وجرائم معظمها موجه ضد النساء ، ولما يملكه الإعلام العالمي من تقنيات متطورة فإنها تبهر المشاهد وتجعله يصدقها ويقتدي بها ، أما الإعلام العربي والذي ما زال غير قادرا على منافسة الإعلام الغربي فما زال أيضا يتعامل مع المرأة ضمن نموذجين محددين فإذا نظرنا إلى المسلسلات والأفلام العربية التي تعرض على شاشات التلفزة نجد بأن المرأة أما المسحوقة والتي لا حول لها ولا قوة والتي تستحق أن تكون هكذا لأنها ضعيفة وجاهلة ولا تملك من الذكاء شيء ، وإما المرأة القوية الشريرة الغير مؤتمنة على أطفالها والتي تودي بالآخرين إلى التهلكة ، وقليلة هي الأدوار التي تتحدث عن المرأة المتعلمة والتي لها دور وهدف في الحياة مما يكرس صورة نمطية محددة لدى المشاهد العربي عن المرأة وخاصة الأجيال الجديدة والتي هي في طور النمو وصانعة المستقبل لمجتمعاتنا .

أما الإعلام المكتوب فليس بحال أفضل اتجاه قضية العنف ضد المرأة ، فبرغم من وجود بعض الأقلام التي تكتب في القضية إلا أن هذه الأقلام ما زالت خجولة وما زلت تواجه العديد من الصعوبات في عملها ، فلا نجد خلال أسبوع فلا موضوعا أو موضوعين في جميع الصحف اليومية الأردنية ، ونجد في مقابلها العديد من الأقلام المعارضة والتي تدعو إلى محاربة فكرة تحرير المرأة أو التي تقول بأن العنف هو موضوع غربي مقتبس من المجتمعات الغربية ،وأن المشكلة لا تشكل ظاهرة بالنسبة لنا لذلك لا يجب التركيز عليها ، وقد نجد أسماء معروفة تنادي بمحاربة هذه الأفكار لأنها غريبة على مجتمعنا وإن لدينا من القضايا ما هو أهم وتتناسى هذه الأقلام بأن المجتمع وحدة واحدة فلا يمكن لنا الفصل ما بين قضايا المجتمع فقضية المرأة هي جزء من قضايا الوطن الكبرى والتي لا يمكن لها أن تحل دون أن يكون هناك رقي بوضع المرأة والتي موضوع على عاتقها تربية الأجيال ، فكيف لها أن تنشئ جيلا واعيا لقضايا أمته دون أن تمتلك الوعي لهذه القضايا ، وكيف لها أن تغرس الكرامة في نفوسهم وكرامتها مهانة ، وأساسيات الحياة مفقودة لديها .
لذلك فإن الإعلام من أهم الوسائل التي يمكن لنا أن نحارب من خلاله العنف الواقع على المرأة ، فمن خلال تكاتف وسائل الإعلام المختلفة المكتوبة والمرئية والمسموعة يمكن تأسيس بداية جيدة لمحاربة العنف الواقع على المرأة ولا يمكن لهذا أن يحدث إلا من خلال سياسة إعلامية جادة وليس من خلال مقالات من هنا وهناك تتنبه للقضية أحيانا وتنساها في أحيانا أخرى .

"العنف ضد المرأة والصحة
في عام 1996 أعلنت منظمة الصحة العلمية العنف كمشكلة صحية وقد اتخذت المنظمة من الإصابات الجسدية والعاهات التي تنتج نتيجة للعنف أسبابا لها لهذا الإعلان ، وقد أفرد تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2002 بابا خاصا للعنف وقد قسم العنف إلى ثلاثة أشكال ، إساءة معاملة المرأة ، إساءة معاملة الطفل ، والعنف الجنسي ، وقد حدد التقرير الآثار الناتجة على العنف بالوفاة ، أمراض نفسية ، إصابات جسدية وجروح ، عاهات دائمة ومؤقتة ، وفي دراسة عالمية للمنظمة بينت أن ما بين 10-69 ./. من النساء في العالم يتعرضن للعنف ، كما بين التقرير من خلال مسح للعاملين في القطاعات الصحية أن العملين يشاهدون بشكل يومي أمراضا وإصابات ناتجة عن العنف .
وتربط العديد من الدراسات ما بين العنف وعدد من الأمراض النفسية والعضوية ، وأنه مسبب لها ، فالقلق والتوتر وعدم الشعور بالأمان يؤدي إلى أمراض نفسية والتي بدورها قد تتحول إلى أمراض عضوية مثل أمراض المعدة والقالون والتي تؤكد العديد من الدراسات بأن أحد أسبابها مرتبط بعوامل نفسية .
"العنف ضد المرأة والأعراف الاجتماعية
 
" ما هي نظرة المجتمع للعنف ضد المرأة ؟"
تحدد نظرة المجتمع للعنف الواقع على المرأة من خلال نظرته للمرأة نفسها ، فكيف يرى المجتمع المرأة ، وكيف يتعامل معها ، هل المرأة كائن إنساني ، أم أنها شيء آخر لم تحدد هويته بعد ؟.
رغم التطورالتكنولوجي الحاصل في المجتمعات المختلفة وبالرغم من وصول المرأة إلى درجات عليا على الصعيد العلمي والعملي إلا أن لنظرة إلى المرأة ما زالت كما كانت عليه سابقا ويمكن أن نقول بأن العنف ضدها أصبح أكثر من السابق فكيف يمكن للتطور أن يجعل الإنسان يتخلى عن العديد من الأمور ليحل محلها أمورا أخرى وكيف لا يعمل على تغيير أمورا ذات أهمية مثل النظرة للمرأة ، فالتطور اتجاه استخدام وسائل التكنولوجي لم يستطع أن يجعل المجتمع يغير من نظرته للمرأة وبالتالي ما زال تطورا منقوصا ، فالمرأة في نظر المجتمع هي الطرف القاص سواء كانت متعلمة أم لا عاملة أم لا ، فلا يغير تعليمها شيء فهي امرأة ضعيفة ليست لها حقوق في المجتمع وهي بنفس الوقت مطالبة بأداء ما عليها من واجبات اتجاه بيتها .

ويرى المجتمع بأن من حق الزوج استخدام الضرب لتأديب زوجته ، ولا يبحث العديد من الأشخاص في حق الزوجة بالعيش بأمان ، فهي بمجتمعنا أداة لرفاه الرجل ، فعليها أن تعمل جاهدة لضمان راحته وتأمين متطلباته ، وليس في ذلك شيء إذا كان الرجل ينظر إليها بنفس الطريقة ، أو إذا كان لها نفس الحقوق في الحياة ، إلا أن الأعراف لا تنص على ذلك ، فلدينا العديد من الأقاويل والتي تعمل على تأكيد إذلال المرأة وعدم التعامل معها كما يتم التعامل مع الرجل ، فالمثل القائل " دلال البنت بخزيك ، ودلال الولد بغنيك " مثل شائع ويؤكد على أن معاملة المرأة بشكل جيد قد سيؤدي إلى جلب العار للعائلة أما معاملة الرجل الجيدة فهي ستدر الغنى والخير عليها ، وغير هذه الأمثلة كثيرة والتي تؤكد على ضرورة استخدام القوة لتأديب الفتاة وذلك لتجنب جلب العار للعائلة .
ونرى في الحياة صورا عديدة لنساء يضحين بتعليمهن من أجل الذكر في العائلة أو يضحين بمناصبهن من أجل الاهتمام بشؤون العائلة وتأتي هذه التضحيات لأن تعليمهن أو عملهن ليس أولوية بالنسبة للعائلة فبالتالي كونها الطرف الأضعف والذي لا تأخذ أولوياته بعين الاعتبار تضطر المرأة إلى القبول ، وليس في التضحية شيء إذا كان مبنيا على رغبة المرأة وإرادتها إلا أنه في أحوال كثيرة تكون التضحية خارجة عن إرادتها .
وفي دراسة للباحث الحج يحيا في فلسطين عام 1998 حول ضرب الزوجات والتي كانت تركز حول فهم المجتمع لظاهرة العنف ضد المرأة أظهرت الدراسة بأن 41 ./. من العينة وافقوا على أنه لا يوجد مبرر للعنف ضد المرأة و بالمقابل وافق 41./. على أنها تستحق في بعض الأحيان أن تضرب من قبل زوجه .
وإذا قمنا بأخذ رأي النساء حول موضوع العنف المرتكب بحقهن سنجد أن نسبة كبيرة تؤيد الضرب ضدها ، ويرجع ذلك لتربيتها وتنشئتها التي تؤكد على أنها بحاجة للردع
 

"أثار العنف
للعنف أثارا عديدة ، فمنها أثارا على المرأة نفسها ، ومن ثم على عائلتها وأطفالها ، وبالتالي على المجتمع بأسرة
أولا :-آثار العنف على المرأة
"عدم الثقة بالنفس
"عدم الشعور الآمان
"عدم القدرة على تربية الأطفال
"التأذي الجسدي والذي قد يصل إلى حالات الإصابة الشديدة أو إعاقات دائمة .
"كره المؤسسة الزوجية وبالتالي الوصول إلى الطلاق أو إلى حالات الانفصال الزوجي حيث تعيش العديد من عائلات انفصالا داخل الأسرة بحيث يتم الحفاظ على الشكل الخارجي للأسرة .

ثانيا :أثار العنف على المرأة والأطفال
لا يمكن للأطفال الذين يعيشون داخل أسر تحدث فيها عملية العنف أن يكونوا أسوياء بالشكل المطلوب لضمان استقرار المجتمع ، فابل ضرورة أن يتأذوا حتى وأن افترضنا بأنهم لا يتعرضوا للعنف مباشرة إلا أن عملية مشاهدة الطفل لعملية الضرب لها أثارها الخطيرة على الأطفال ، فالأم التي تشكل صدرا حانيا على الطفل تتعرض للضرب أمامه وهو بدوره غير قادر على الدفاع عنها لأن من يضربها ليس غريبا وإلا لتصدى له الطفل ، بل من يضربها هو أيضا عزيز عليه مما يجعل الطفل عرضة لعدد من الآثار والتي تأتى بالشكل التالي :
"التأذي جسديا نتيجة لوجوده في نفس المكان
"حرمان من النوم وفقدان للتركيز
"التبول الليلي
"اختلالا في الأكل
""الخوف ،"الغضب ،"عدم الثقة بالنفس ،والقلق
"عدم احترام الذات
"فقدان للطفولة
""مشكلات نفسية ،"اكتئاب ،إحباط
""العزلة ،"فقدان الأصدقاء ،وفقدان الاتصال مع الأسرة
""أثار سلوكية ،يعتبر أباه مثلا وبالتالي "يصبح عنيفا ،يتقبل "الإساءة في المدرسة أو في الشارع وبالتالي تكون لديه شخصية مهزوزة ،"التغيب عن المدرسة ،والانحراف.
"لماذا تبقى المرأة أسيرة لدائرة العنف

هل تعشق المرأة جلادها؟
لا يمكن للمرأة أن تحب عذابها والشخص الذي يضربها هو غير محب لها
أخذ موضوع العنف ضد المرأة حيزا كبيرا ما بين المؤسسات العاملة في مجال المرأة ، وازداد الاهتمام في الآونة الأخيرة حول كيفية محاربة العنف الواقع على النساء ، إلا أن هذه الجهود لم تتمكن لغاية الآن من تغيير نظرة المرأة إلى ذاتها كإنسان له الحق في العيش بأمان ، فبرغم من وصول عدد من النساء ضحايا العنف إلى عدد من المراكز الخاصة بمساعدتهن إلا أن الغالبية العظمى من هؤلاء النساء تفضل العودة إلى الحياة التي تعيشها وتتخذ قرارها بالعودة إلى الجلاد والذي يكون بانتظارها ولكن بقوة أكبر من السابق وسلطة هي من أعطاه الحق باستخدامها .

ونحن هنا لسنا بصدد لوم المرأة على سلوكها هذا وأنما نحاول فهم الأسباب الكامنة خلف هذا السلوك وقد ذهب البعض إلى القول بأن المرأة تعشق الرجل الذي يؤنبها وينكل بها لأن هذا دليلا على رجولته أو انه دليل على حبه لها ، فهل يكون المحب جلادا لمحبوبته ؟ وهل نفذت طرق التعبير عن الحب في زماننا هذا لتصل إلى استخدام الضرب ؟ وهل يمكن للمرأة أن تحب شخصا يضربها ويهينها أم أن هنالك أسبابا أخرى وراء صمتها وتقبلها هذه الحياة .
أن هنالك عدد من العوامل وراء قبول المرأة الحياة مع شخص يهينها ويعنفها . ومن هذه العوامل خلفية المرأة الاجتماعية ، حيث يلعب هذا الجانب دورا كبيرا في تقبلها للعنف الواقع عليه ، فالمرأة ذات الخلفية الاجتماعية الداعمة لسيطرة الرجل على المرأة من خلال استخدام العنف تلعب دورا سلبيا في تمكين المرأة من اتخاذ قرارها والدفاع عنه.

كما أن المصير المجهول للمرأة فيما بعد اتخاذها لقرار الانفصال عن معنفها وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لردود الأفعال للبيئة الاجتماعية المحيطة بها حول هذا الموقف وإذا ما كان هنالك أشخاص داعمين لها أم لا هو من الأمور المؤثرة على اتخاذ القرار بالنسبة للمرأة المعنفة.
كما أن الأطفال عادة ما يكونوا سببا من أسباب التردد في اتخاذ القرار فإذا أخذنا هذه الحالة كمقياس لعدد من النساء فهي بالضرورة تفكر في مصير أطفالها والذين لا يوجد من يحميهم في حال قامت بتركهم كما أنها في غالب الأحيان لا يمكن أن تؤمن لهم مكان يؤويهم وإياها ومن أين لها أن تقوم بتامين متطلبات الحيات الخاصة بهم خاصة وان الأهل لا يتقبلون أطفال ابنتهم المطلقة .

أما العامل الثالث وهو من العوامل الهامة التي تؤثر على قرار المرأة الخوف من العار أو صدمة الطلاق ،فنظرية وصمة العار من الطلاق هذه لها الأثر الأكبر على النساء وخاصة وأن هذا العار لن يطالها وحدها وإنما سيطال العائلة بأكملها ، وتفضل المرأة في مجتمعنا الموت على أن تكون سببا في جلب العار لأهلها حتى ولو كان هذا على حساب حياتها وحياة أطفالها ، الأمر الثاني أن تخوف العائلة من وجود ابنه مطلقة في العائلة قد يحدد مصير أخواتها العازبات ويعتقد عدد من النساء بأنهن سيجلبن الحظ السيئ للعائلة وأنهن سيكن حجر عثرة في طريق أخواتهن العازبات.
أما العامل الاقتصادي فهو أيضا من أهم العوامل الذي يجعل المرأة تتخذ قرار العودة إلى الزوج فهي في أحوال كثيرة غير عاملة و لا يوجد لديها أي مصدر من مصادر الدخل الذي تستطيع من خلاله تأمين حاجياتها وأطفالها وأنها باتخاذها قرار الانفصال عن الزوج ستضطر لتحميل أهلها الأعباء المادية الخاصة بها وبأطفالها هذا في حال كانت العائلة قادرة على تحمل هذا العبء الجديد مما يدفعهم إلى الطلب منها إلى ترك أطفالها الأمر الذي ترفضه داخليا وفي حال قبلته تكون موافقتها عليه آنية ومرتبطة بلحظة هي غير قادرة على اتخاذ قرار صائب فيها مما يضطرها إلى العودة كي تبقى مع أطفالها ، هذا بالإضافة إلى ما قد يسببه وجود امرأة أخرى من خوف على حياة أطفالها فهي لا تستطيع تحمل فكرة أن تقوم امرأة أخرى بتربية أطفالها ، بما أن النظرة إلى زوجة الأب في مجتمعنا توازي مفهوم القسوة وسوء معاملة أطفال الزوج.
كل هذه الأسباب تدفع المرأة إلى التشبث بالوضع الراهن على سوءه .
وماذا عن مشاعر النساء اتجاه أزواجهن وأن سبب عودتهن هو ارتباطهن به وحبهن الشديد ؟
لا يمكن للمرأة أن تحب عذابها وأن ما يحصل عادة هي عملية تبرير لرفع معنوياتها المنهارة وهو تبرير لسلوكها وتعزيز لثقتها بنفسها وهي ترى بأنه تبرير مقبول لعودتها وهذا شكل من أشكال خداع الذات لتجد مبررا مريحا نفسيا ويزيل حالة التنافر والضيق النفسي الذي تسببه لها فكرة العودة إليه دون مبرر مما يجعلها تتكئ على الحب وهي حيلة دفاع نفسية لاشعورية يلجأ لها الإنسان ليبرر بعض الأفعال أو السلوكيات المقلقة والمؤلمة له ليزيل هذا القلق النفسي ،وهنا يسمى الحب استلابا وليس حبا ، فعدم قدرتها على الخلاص منه قد تجعلها تتخيل بأنها تحبه ، وإذا كان حبا فلا بد له أن يكون حبا مريضا وليس أمرا طبيعيا حيث لا يمكن لإنسان أن يحب معذبه . كما أنه لا يمكن لأي شخص محب أن يؤذي الطرف الآخر ، فلو كان محبا لما استطاع أن يضربها أو يعرضها للأذى وبالتالي فهو يلجأ أيضا لتبرير أفعاله بالحب ليبقي على العلاقة بشكلها دون أن تقوم هي بأي تصرف رادع لأفعاله.
كما أن صمت المرأة وعدم بوحها لأحد قد يجعل الرجل يتمادى في سلوكه ضد المرأة ، فهو لا يرى أي وسيلة دفاع تستخدمها المرأة ولم تلجأ لأي رادع قانوني أو اجتماعي يحد من سلوكه ضدها من هنا لابد لأي امرأة تتعرض للعنف أن تفصح عنه سواء لأصدقاء مشتركين أو الأهل أو لمؤسسات اجتماعية موجودة ومتخصصة في خدمة المرأة لأن صمتها لن يؤثر على أحد غيرها .

كيف يمكن للمرأة أن تتخلص من العنف
انطلاقا من حرصنا الدائم على ديمومة مجتمعنا وتطويره لما فيه صالح كل فرد من أفراد المجتمع ، وإيمانا منا بان المجتمع المتقدم لابد له أن يكون مبنيا على أسس من الترابط المجتمعي والتي لن تكون دون ترابط أسري متين خال من المشكلات الغريبة عنا وعن قيمنا العربية الراسخة والتي أكدت دائما على احترامنا لبعضنا البعض ، لذلك فإن الصمت عن العنف الذي يمارس ضدك كامرأة لا يمكن أن يتغير إلا إذا بدأت أنت بتغييره ولكي تبدأ بالتغيير عليك التفكير في الهمسات التالية :-
- ارفضي العنف ،- لا يمكن أن تغيري دون أن ترفضيه من داخلك
- أنت لا تستحقي العنف الموجه ضدك فلا تلومي نفسك ،- لأنك لست سببا فيه ،- فلا تصدقي ما يقال بأن النساء هن سبب العنف ،- فلا يوجد مبرر للعنف ولا يوجد مبرر للإساءة لك ،- فأنت إنسان ،- والإنسان من حقه أن يحيا بكرامة وآمان .
- إذا كان لديك أمل إن تخف حدت العنف ،- فلا تتأملي بذلك لأن العنف إذا ابتدأ فإنه لا ينتهي ،- وتدلل الدراسات بأن حجم العنف يتزايد مع طوال المدة ولا يقل .
- لا تصدقي بأنه يحبك ،- فالمحب لا يكون معذبا .
- لا تصمتي على العنف فصمتك يعطيه قوة أكبر .
- لا تنتظري منقذا ،- فلا يوجد منقذا سواك .
- لا تردي العنف بعنف فقد تخسري نفسك .
- لا تترددي في اللجوء إلى أشخاص موثوقين قد يساعدونك .
- استخدمي حقوقك ،- فهناك قوانين تحميك من العنف الموجه ضدك .

 أطبع المقال أرسل المقال لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6539529 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة