فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

الثقافة الجنسية بين المواثيق الدولية والتصور الإسلامي

الكاتب : د. ست البنات خالد

القراء : 9380

الثقافة الجنسية بين المواثيق الدولية والتصور الإسلامي

 
د. ست البنات خالد
اختصاصي امراض النساء والتوليد
 
تشهد الأمة الإسلامية منذ عدة عقود حالة من الوهن الحضاري أقعدها عن مواكبة سير الأمم الأخرى نحو التقدم والفاعلية، وعطل من رسالتها في الشهود الحضاري مما أغرى الثقافات الغالبة اليوم بممارسة فعل (الإستقواء) و(الاستعلاء) ومن ثم (الإملاء) بحيث تكون مقدرات وثروات الأمة، وذاتيتها الثقافية تحت السيطرة والهيمنة والانطباع حسب رؤية تلك الثقافة الغالبة ومخططاتها وغاياتها...
ولعل من أبرز ملامح هذا الخطر الزاحف وأكثره إلحاحاً علينا ما يتعلق بالجانب الأخلاقي، خاصة فيما يتعلق بتربية الأبناء وتنشئتهم على القيم والسلوكيات النابعة من ثقافتنا في مواجهة حادة مع القيم والسلوكيات الوافدة والمختلفة على حد كبير عما ألفناه وعرفناه في ثقافتنا.. ولكن أن يصل بنا الحال إلى فرض آليات تعزز المفاهيم الغربية في مسألة الأخلاق وطبيعة العلاقة بين الجنسين وتفاصيل في الثقافة الجنسية مستمدة من تصوراتهم وثقافتهم، فتلك إحدى أهم المهددات والتحديات الخارجية التي فرضت علينا .
ولعل هذا ينطبق إلى حد كبير عل الثقافة الغربية اليوم وقد امتلكت زمام النظام العالمي الجديد، وسعت إلى تسويق مفاهيمها وقيمها مع شركاتها ومؤسساتها المالية والإقتصادية عبر القارات، واعتمدت إلى جانب السياسة التسويقية أسلوب التدخل المباشر وتحيل المسارات الثقافية للشعوب تجاه البوصلة الأمريكية عن طريق مؤسسات المجتمع الدولي وما يصدر عنها من مواثيق ومعاهدات ووثائق تتمخض عنها مؤتمرات تعقدها تلك المؤسسات وتجد الدول الأعضاء في تلك الهيئات الدولية أنها منقادة للتوقيع على هاتيك الإتفاقات في طريقها إلى أن تتحول إلى قوانين ملزمة لها وإلا كان التدخل الإقتصادي المتمثل في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتهديد بقطع المعونات والقروض ووقف مشاريع التنمية!!

إن نظرة متأنية لمفهوم الصحة الإنجابية كما ورد في وثيقة بكين وخدمات الصحة الإنجابية (البند:106،281،206،94،95) وكما جاء في تقرير المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (الفصل الثاني، الثالث، الرابع، السادس)على سبيل المثال تشير إلى أن (الصحة الإنجابية تعني قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية ومأمونة، وقدرتهم على الإنجاب، وحريتهم في تقرير الإنجاب وموعده وتواتره) ويوضح بند 95 في وثيقة بكين أن (الناس) هم (جميع الأفراد والرفقاء couples). أما بند 7-8 من وثيقة القاهرة للسكان فيخص تلك الخدمات (الصبية و المراهقين بدعم وإرشاد من آبائهم، وبما يتماشى مع اتفاقية حقوق الطفل عن طريق المدارس ومنظمات الشباب..)
وبما أن الصحة الإنجابية وخدماتها متاحة (لجميع الأفراد والرفقاء) بما فيهم (الصبية والمراهقين) فقد لزم من وجهة نظر الثقافة الغربية إتاحة فرص واسعة للتثقيف الجنسي لهذه الفئة بالذات تفادياً للحمل والأمراض الجنسية، كما سمحت بالاجهاض، وتيسير وسائل منع الحمل، فيما يسمى ب(التثقيف الجنسي).إن نظرة الغرب للجانب الجنسي في حياة الفرد لا تخرج عن كونها: حرية شخصية، فكل إنسان يفعل ما يحلو له، ومن واجب المجتمع حمايته وتثقيفه أيضاً كما ورد في بند 95 من وثيقة بكين( الاهتمام بوجه خاص بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين كيما يتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي من حياتهم معالجة إيجابية ومسئولة).

وتحض مواثيق الأمم المتحدة مثل (بكين- القاهرة للسكان) ووثيقة عالم جدير بالأطفال على التثقيف الجنسي، خاصة للمراهقات، وتيسير حصولهن على وسائل منع الحمل وإباحة تقنين الإجهاض تحت مسمى (الإجهاض الآمن)، وتؤكد على حق المرأة (في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسئولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية بما في ذلك صحتها الجنسية والإنجابية، وذلك دون إكراه أو تمييز أو عنف- بكين: بند 96)
وفي بند 108 من هذه الاتفاقية هناك مطلب بإدراج تعليم الجنس الآمن safe sex في المناهج التعليمية بالنسبة للأطفال (تصميم برامج محددة موجهة للمراهقين والرجال من جميع الأعمار مع مراعاة أدوار الوالدين المشار إليها في الفقرة 107هـ تهدف إلى توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجنسي والإنجابي المأمون والمسئول بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكرية المناسبة والفعالة بغية الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز).
إنها ثقافة قائمة على الفردية واللذة والمتعة الوقتية، وتحاول هذه الثقافة تقليل حجم المشكلات الناجمة عن تلك الرغبات الفردية الموغلة في الأنانية والمادية عن طريق إتاحة المعلومات الجنسية للصبية والمراهقين مع توفير الوسائل التي تقلل من الأمراض أو الحمل غير المرغوب فيه أو حتى التخلص منه، ومن ثم كانت الصحة الإنجابية والجنسية مدخلاً لتقنين الحرية أو الفوضى الجنسية عندهم، ونشرها في ثقافات الأمم الأخرى متلازمة مع توريد وسائل منع الحمل للدول النامية بل ونقل التكنولوجيا إلى هذه البلدان لتتمكن من إنتاج وتوزيع وسائل منع الحمل - محلياً - ذات النوعية العالية الجودة، وبخصوصية وسرية تامة .
إن لدينا منهجاً ربانياً فريداً لم يدع شاردة ولا واردة في حياة الإنسان والكون والحياة ذاتها إلا ووضحها وأبان عن حقائقها وآليات الوصول إليها " وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه" .. ولعل من حسنات التحديات الخارجية أن نفيق من غفلتنا ونتلمس طوق النجاة في ديننا " وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا" .

الثقافة الجنسية في التصور الإسلامي:
التصور الإسلامي للإنسان أنه روح وجسد معا، ومن ثم اهتمت التربية الإسلامية بمراعاة الجوانب الأساسية في تكوين المسلم منذ ميلاده مثل الجانب الإيماني، والخلقي، والعقلي، والجسمي، والجنسي، والاجتماعي.
إن التربية الإسلامية تؤكد على أهمية أن يستعد الوالدان لتربية الأبناء قبل أن يولدوا لمعرفة أفضل الأساليب والوسائل في جوانب التربية، خاصة التربية الوقائية لكافة الجوانب وبالأخص الجانب الجنسي، وفي اسلوب الحب والترغيب والتوضيح يتعلم الصغار آداب لمس الجسد واحترامه، وحدود العورة، واداب قضاء الحاجة واداب النوم، واداب اللعب مع الصغار .
وعندما يكبر الصغار قليلا هناك اداب اللباس، واداب الإستئذان واداب لإختلاط الجنسين واداب التفريق في المضاجع..كما أن هناك اجابات واضحة وعلمية عن الأسئلة والمخاوف والفضول المرتبط بالجنس تعطي للطفل حسب سنه ومدركاته (الجرعة على قدر الطلب والحاجة) ..

وعندما يشارف الطفل سن البلوغ هناك شرح لوظائف جسم الإنسان والتغيرات التي ستطرأ عليه بشكل علمي ومبسط وطبيعي ليتقبل الطفل هذه التغيرات بشكل طيب ويعلم الأحكام الشريعة من طهارة وتكاليف المترتبة عليها، وهنا تبدأ التأكيدات على أهمية غض البصر والبعد عن المثيرات السمعية والبصرية ما أمكن، واعلاء الجانب الإيماني عن طريق التذكير برقابة ومعية الله، والصوم مع ربط الولد والبنت بالمساجد والصحبة الصالحة ودروس العلماء، وشغل أوقات الفراغ بما يعود بالنفع على الفرد وأسرته ومجتمعه إن تيسر، مع تشجيع اليافعين على ممارسة الرياضة وارتياد المعسكرات والرحلات والأنشطة التطوعية..كما تعمل التربية الإسلامية على تبصير هذه الشريحة بالعقبات المنهي عن الإقتراب منها وما تحمل من عواقب وخيمة: "ولا تقربوا الزنى" أو العلاقات المنحرفة الشاذة، وتفتح في المقابل الباب للتشجيع على الزواج للإحصان إن استطاع الفرد المقدرة، بل وحث المجتمع على تقليل موانع الزواج وتيسير سبله..

وعندما يقبل الفتى أو الفتاة على الزواج توفر لهم التربية الإسلامية الجانب التثقيفى الخاص بتلك العلاقة النظيفة الجميلة التي امتن الله بها على عباده وجعلها آية من آياته " ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، فيعرف الزوجان الحقوق والواجبات لكل منهما، والحقوق والواجبات المشتركة ويتعرفان على اداب تلك الصحبة والمعاشرة بالمعروف والإحسان لتبقى العلاقة الزوجية محفوفة بالعلم الصحيح ومصونة من الإبتذال والعبث والتدني
ان النقطة المفصلية بين ثقافتنا والثقافة الغالبة اليوم اننا نستمد مرجعيتنا من المنهج الرباني في الفكر والتصور، وهم يستمدون مرجعيتهم من النظريات والفلسفات الإنسانية المتعددة..
لم يعد لدينا الا المقاومة الثقافية وسيلة لمجابهة المشروع الغربي الضاغط، وهذه المقاومة تتطلب منا الوعي والحذر من مخططات الأخر وثقافته، وتجلية المفاهيم والمعتقدات في ثقافتنا وتقديمها للناس كافة وهذا لن يتم إلا بتضافر جهود الِأسرة ومؤسسات المجتمع المختلف لتشكيل حائط الصد أمام الهجمة الوافدة، وتعزيز الدفاعات الثقافية لدى أبناء الأمة.

*يجب على الوالدين ا لانتباه إلى دورهما التربوي الكبير في تنشئة وتربية الأولاد على القيم والثقافة الإسلامية وإكسابهم الحصانة الفكرية والنفسية وتعزيز الهوية والانتماء إلى الإسلام كمنهج حياة، وتبصيرهم بالمخاطر التي تستهدف حاضرهم ومستقبلهم وتجنيبهم الانسياق وراء تلك الدعاوى الهدامة التي تحاصرهم إعلاميا وثقافيًا.
*وينبغي على مؤسسات التعليم أن تعمل جاهدة لترسيخ الثقافة الإسلامية عن طريق المناهج التعليمية العلمية والنابعة من هويتنا بعيدا عن الإملاءات والضغوط الخارجية التي تستهدف دائما تحويل مسار محتوى المناهج صوب الاهداف الغربية..
*كما نتمنى على العاملين في المؤسسات الصحية والأطباء توخي الحذر من مصطلحات ومفاهيم الصحة الإنجابية والجنسية الوافدة ومن مجالات تطبيقاتها في المراكز الصحية وتجمعات المراهقين في المدارس والنوادي.
*أما عن دور وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية فهو من الخطورة بمكان، لأن ترويج مثل هذه الثقافات الخادعة عن طريق البرامج والإعلانات والدراما والقصة والمسلسل والفيلم يجد آذانا صاغية لدى عامة الناس التي لم ترزق من الوعي إلا القليل، وتسلم قيادة تشكيلها الثقافي إلى هذه الوسائل ذات الفاعلية الكبيرة.
 
المصدر- شبكة المشكاة الإسلامية

 أطبع المقال أرسل المقال لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6356968 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة