فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

مأساة طفلة فيفا في ضمير المجتمع الحي

القراء : 1458


تحدثت في مقالة الأسبوع الماضي عن طفلة حائل التي تجهّز لكي يقذف بها للزواج من رجل طاعن في السن، وبيّنت المآسي والمشكلات التي ترتبط بهذه العلاقة غير المتكافئة وغير الإنسانية. ثم فجعنا في نهاية الأسبوع الماضي بخبر نشرته صحيفة الرياض في صفحتها الأخيرة يوم الجمعة 18 يوليو 2008 عن وقوع المصيبة حقًا على طفلة أخرى في منطقة فيفا.
وسأنقل الخبر المفجع كما ورد، حيث يقول: "أقدم مقيم في حقو فيفاء بالهيجة على تزويج ابنته القاصر لرجل في الستين من عمره طمعاً في المال، الطفلة التي تدرس في المرحلة الابتدائية لم يكن لرأيها أية أهمية في الزواج خصوصاً بعد أن سحب والدها ملفها من المدرسة قبل الاختبارات. الطفلة وبعد أن دخل بها زوجها نقلت لمستشفى العارضة العام لتلقي الإسعافات بسبب ما أصابها من تمزّقات ونزيف استوجب تنويمها بالمستشفى وإجراء عملية جراحية. وحتى تتماثل للشفاء ثم تعود لشهر العسل عبر عدد من المواطنين في حقو فيفاء استغربوا هذا الزواج وما تم بعده من وحشية الزوج بعد ما روته والدة الطفلة من أنها عثرت على طفلتها وهي مضرجة بدمائها ومغمى عليها..؟!".
من يقرأ هذا الخبر وهو بكامل عقله لن يتمكن من السيطرة على الغضب والحنق والتقزز والثورة العارمة ضد هذا العمل الإجرامي المدمر. أعتقد أن الغضب "واجب" في مثل هذه المواقف، وهو أقل ما يمكن أن يقوم به المرء الذي لا حيلة له أمام انتهاك الإنسانية وتدمير الطفولة والاعتداء غير المبرر على طفلة بريئة والقضاء عليها قضاء كليا جسديا ونفسيا وعقليا وإلى الأبد. يحصل كل ذلك تحت غطاء الزواج الشرعي.
ليس المجال هو الحديث عن الضرر الحسي، فالتقرير الصحفي قد غطى الموضوع وكشف عن الألم الجسدي الفظيع الذي مهما أجريت له من عمليات ومهما اندمل فإن هذه الطفلة تعتبر تشريحيًا قد انتهت فرصها في العيش كبقية النساء في المستقبل، ليس فقط في استحالة الإنجاب بل في فظاعة آلام الرحم والتمزّقات التي ستلازمها طويلا، وفي صعوبة ممارسة العمل نفسه مرة أخرى. وزد على ذلك، الرعب النفسي والعقلي الذي لا يمكن تخيّله لامرأة قوية في أشد عنفوانها فكيف الأمر بطفلة غريرة بريئة؟
سأتحدث عن أطراف القضية على أنهم نماذج لشخصيات، يمكن أن تتكرر في مجتمعنا، فهذه الحوادث بدأت تضرب أطراف البلد من حائل إلى فيفا ولا ندري أين مقرّ الضحية أو الضحايا الجدد؟!
هذا الزوج هو نموذج للرجال المتوحشين المصابين بعقدة النقص المضاعفة ممن يرون في هذه الفريسة فرصة للانتقام المتجذّر في عقلياتهم وفي نفوسهم. كون عمره ستين أو أكثر يجعله عرضة للتساؤل عن قدراته الحسية، ولكي يثبت لذاته تفوقه الجسدي فقد افترس هذه الطفلة التي لم ترَ نفسه الدموية فيها سوى شاة أو بهيمة صغيرة يجب التعجيل في ذبحها.
قد يتساءل البعض كيف لم يشفق عليها وهي تتألم وتعاني ولم يتخيل أنها ابنته أو حفيدته؟ الأمر برمّته يتعلق بشخصية دموية عنيفة تشعر بنقص حاد، فهو لا يمكن أن يشعر بإنسانية الإنسان في حالاته الطبيعية حينما أقدم في الأصل على طلب الزواج بهذه الطفلة، فكيف به والغنيمة تُرمى عليه لكي يعجّل بالاستحواذ عليها قبل أن تفرّ من بين يديه؟ هذا الرجل هو نتاج ثقافة لا ترى في المرأة -أيا كان عمرها- سوى وسيلة استخدام مؤقتة، بحيث يستنفد قواها ويدمرها بكل ما يستطيع من عنف ووحشية لكي لا تصبح صالحة للاستخدام من بعده. إنه لا يفكر فيها على أنها زوجة، وهل يعقل أن تكون طفلة في المرحلة الابتدائية زوجة؟ وهل يعقل أن يفكر هذا الرجل فيها على أنها زوجة وقد جعلها تسبح في دمائها؟
إذا كانت هذه الحوادث قد جرى مثلها فيما مضى، وقرأنا عنها ضمن الحكايات الشعبية، وسمعناها وكأنها خرافات؛ فيجب ألا تحدث في هذا الزمن. أكرر بأن مثل هذه الحادثة الإجرامية يجب ألاّ تحدث اليوم. ينبغي أن ينتفض جميع أفراد المجتمع من رجال ونساء ضد هذه الجرائم التي تحصل تحت غطاء الزواج. المجتمع يرفض والنظام يرفض أن يعتدي رجل على زوجته الكبيرة الراشدة بالضرب أو بالمهانة، فكيف لنا أن نقبل أن يسحق هذا الرجل طفلة ويضرّجها في دمائها ويمزق أحشاءها شر تمزيق؟
إنني أمّ وطبيبة وقبل ذلك إنسانة، وأجد أن ضميري يؤلمني أشد الألم وأنا أقرأ مثل هذه القصة ولا أستطيع أن أفعل أي شيء. الموضوع ليس شخصياً كما يتوقّع البعض، المسألة تتعلق بطفلة وإنسانة تدمّر بأفظع وسائل التدمير أمام مرأى العالم بصرف النظر عن جنسيتها أو مكانها، والمسألة مرة أخرى تتصل بتفتيت بنيان مجتمع وتشويه سمعته وتسويغ مثل هذه الممارسة بين أفراده إن نحن سكتنا عنها ولذنا بالصمت والخمول.
لقد عشت سنوات طويلة في أمريكا، ورأيت كيف يهبّ المجتمع من أقصاه إلى أقصاه حينما يسمع بخبر تحرّش رجل بالغ بطفلة عن طريق لمس مواضع حسّاسة من جسدها. وكيف تجنّد كل وسائل الإعلام والقنوات التلفزيونية طاقتها لمتابعة ردّة فعل المجتمع وتقصّي خطوات المجرم والبحث عنه، وكيف أن التقارير المتتالية التي ترسلها الجهات الأمنية على مدار الساعة عن نتائج البحث عن المجرم، ومثلها التقارير الطبية والمقابلات الصحية عن وضع الطفلة ووضع من يشبهها. ونحن هنا في مجتمع مسلم ومسالم، مجتمع مبني على قيم التكافل والتعاون والإحساس بمشاكل بعضه البعض، مجتمع ترسّخت فيه قيم السهر على ألم الغير؛ مجتمع يغذّي مشاركة المرء للآخرين في الحزن والأتراح. فكيف لهذا المجتمع الذي ينبض بضمير حي شريف أن يسمع بهذه المأساة ثم يصمت؟
هل يعقل أن يترك الأمر للأسرة أن تتصرف وحدها؟ وهل نثق بأسرة سلّمت طفلتها إلى غابة الوحوش طائعة راضية طامعة في حفنة مال؟ وحتى الأم المستضعفة هي مسؤولة وتحت طائلة الذنب حينما رضخت لرغبة الأب واستكانت لنزعاته فسلّمت هذه الطفلة بكل بساطة. لو كانت الأم أماً تعرف مسؤولياتها وتعي دورها الحقيقي لدافعت عن طفلتها، بل وحاربت بكل قطرة تبقى في عروقها لمنع مثل هذا الزواج أن يحصل، وهو لن يحصل لو أرادت حتى لو كان الأمر على حساب جثتها. أما الأب، فهو شريك للزوج فيما حصل، ويتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية أمام الله وأمام الناس وأمام النظام.
نريد من جمعية حقوق الإنسان أن تتدخل وأن ترفع دعوى ضد الأب وضد الزوج لكي يحاكما على التآمر ضد الطفلة أولا، ويحاكم الزوج على الاعتداء المدمّر في قتل روح بشرية قتلا نهائيا وتدمير جسد لا يمكن تعويض دماره، وإرهاب طفلة صغيرة، وبث الرعب في نفوس المجتمع بأكمله. ولابد أن تبذل الجهود للحيلولة دون وقوع جرائم مشابهة لضحايا جدد عن طريق معاقبة عاقد الأنكحة الذي وافق على زواج غير متكافئ وغير عادل ويفتقر إلى أقل شروط العقد الصحيح للزواج الصحي.

* كاتبة سعودية

 أطبع أرسل لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6348410 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة