فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

إيذاء الأطفال ظاهرة تهدد مجتمعاتنا!

القراء : 6409

العناية بالأطفال وحسن رعايتهم وتربيتهم من أعظم استثمارات الأمة؛ لأن أطفال اليوم هم رجال الغد، وهم المسؤولون عن تسيير عمليات الإنتاج والإدارة.. وغير ذلك من النشاطات التي تتطلبها التنمية بمختلف جوانبها، لذا فإن سوء معاملة الأطفال وإيذائهم ينعكس سلبا على مستقبلهم وحياتهم، كما يتضرر منها المجتمع الذي ينتمون إليه.

ولا شك أن الإسلام قد أتى الإسلام بما يحفظ حقوق الإنسان في حياة كريمة منتجة خالية من العوائق التي تعيق فعاليته كفرد صالح داخل أسرته ومجتمعه، بل إن الإسلام كانت له عناية بالطفل بشكل خاص ابتداء من فترة اختيار الزوجة الصالحة، إلى أن يصبح الطفل شابا قادرا على إنشاء أسرته الخاصة.
ولكن جهل كثير من الوالدين أو أحدهما بالأساليب التربوية اللازمة للتنشئة السليمة، أو إهمالهما لبعض الأساليب في التعامل مع الطفل، يعرض الطفل للإيذاء والإساءة إليه بغرض تعديل سلوكه، فيصل الإيذاء إلى أن يكون إيذاء جسديا بالضرب، أو إيذاء نفسيا بالشتم والسب، أو إهمالاً للطفل مما يسبب تعرضه لمشاكل نفسية أو أخلاقية أو اجتماعية.
وتعد ظاهرة الإيذاء من الظواهر الاجتماعية التي بدأ الباحثون التركيز عليها في العقود الثلاثة الأخيرة على مستوى العالم، وإن كانت هذه الظاهرة مشكلة عالمية تعاني منها المجتمعات الإنسانية منذ القدم.
وفيما يلي نستعرض أهم النقاط المتعلقة بموضوع الإيذاء..
أولاً: تعريف الإيذاء..
عُرف الإيذاء بعدة تعاريف منها تعريف دكوت (duquette) حيث عرف الإيذاء بأنه: الأذى أو الضرر أو التهديد بالضرر لصحة الطفل أو حياته، من شخص مسؤول عن صحة الطفل وحياته، يحدث بشكل مقصود، وينتهي بضرر جسمي، أو عقلي، أو إيذاء جنسي، أو بإساءة المعاملة، أوالإهمال، متضمناً كذلك الإخفاق في تقديم الغذاء المناسب والملبس، أو المنزل المناسب.
ثانيا: أنواع الإيذاء..
مما سبق نجد أن الإيذاء له عدة صور أو عدة أنماط، ولكل نمط آثاره على حياة الطفل، ومن هذه الصور ما يلي:
أ ـ الوأد أو التخلي عن الطفل: ويعد الوأد من أقدم صور إيذاء الطفل وأكثرها شيوعا في المجتمع الإنساني، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (التكوير:8 ـ 9).
وترجع أسباب التخلي عن المواليد ساعة ولادتهم إلى أسباب كثيرة، فقد يكون السبب في ذلك الفقر والعيلة الذي يجعل الأم تلقي بابنها لعدم قدرتها على توفير حاجات الطفل، وقد يرجع السبب إلى أن الطفل سُرق من والديه وهو في المهد ثم يلقى به في مكان ما بقصد التخلص منه، وقد يرجع السبب للكره الشديد بين الزوجين مما يدفع أحدهما إلى التخلص من مولودهما حتى لا يستمر الارتباط بينهما. وقد يكون المولود ابنا غير شرعي؛ نتيجة جريمة البغاء التي يخشى أن تزداد في عالمنا الإسلامي مع زيادة المشكلات الأخلاقية.
وينتج عن هذا أن يتربى الأطفال داخل مؤسسات إيوائية؛ فيحرمون من العيش داخل بيئة الأسرة الطبيعية، ورغم الجهود التي تبذل من أجلهم داخل هذه المؤسسات من قبل القائمين عليها من الناحية المادية والمعنوية، إلا إنه لا يمكن أن تعوضهم ما افتقدوه وحرموا منه ولو بقدر يسير؛ لعيشهم في بيئة جافة بعيدة عن الأسرة الطبيعية، وخاصة أنهم لا يندمجون في المجتمع، ومعزولون عنه داخل أسوار المؤسسات في رعاية جماعية ليس لهم الخيار فيها، موكول أمرهم إلى موظفين يعاملونهم بالجملة لا فرادى، في رعاية تتسم بالتقييد والالتزام بالنظام الذي لابد منه في تلك البيئات، مما يجعل اليتيم يفتقد الاحتياجات الطبيعية، مثل الحاجة إلى الحب والحنان، والتقدير، والأمن، والاستقرار النفسي، والانتماء والحرية، والاستقلال الفردي، والخصوصية، واكتساب الخبرات الجديدة وغيرها من الاحتياجات المكونة للشخصية السوية، وهذا انعكس سلبيا على توافق المجهولين الشخصي، واستقرارهم الاجتماعي وإذا لم يتعهدوا بتربيه متكاملة الجوانب فإنهم سينتقمون من واقعهم بصور شتى أدناها العزلة وعدم التفاعل مع المجتمع، وأعلاها الجريمة بأنماطها المختلفة..
ب ـ الإهمال:
وهو نوع من أنواع سوء معاملة الطفل وهو يأخذ صورا عديدة منها:
1ـ الإهمال النفسي: وهو يتمثل في حرمان الطفل من المؤازرة والحب والحنان وعدم الاهتمام بمشاعره.. أما عن الآثار المترتبة عن الإهمال النفسي فإنها عديدة، فمنها ضعف الشخصية, الشعور بالذنب, الشعور بالنبذ وعدم المحبة من الأبوين.. وربما قاده ذلك إلى صعوبة قدرة الطفل على تكوين علاقات ناجحة مع الآخرين في المستقبل، وقد يتطور ليؤثر على الطفل في أدائه الدراسي، وكذلك نمط سلوكه وامتثاله للقوانين والأنظمة.
2ـ الإهمال التربوي: ويتمثل في إهمال تنشئة الطفل تنشئة سليمة وحرمانه من فرص التعليم، وتنمية مهارته، وقد تمتد مشكلة الإهمال حيث يترك الأطفال طوال نهارهم وجزء من ليلهم في الشوارع يلعبون ويعبثون؛ مما يجعلهم عرضة للانحراف وسوء السلوك.
3ـ الإهمال الجسدي: ويتمثل في سوء التغذية، وعدم العناية الصحية، وعدم توفير الملابس المناسبة للظروف الصحية المحيطة بالطفل.
4ـ الإهمال الصحي: ويتمثل في عدم الاهتمام بمعالجة الطفل الذي لا يستطيع الشكوى أو الحصول على العلاج المناسب بمفرده، أو معالجته بصورة خاطئة، سواء عن طريق بعض الوصفات الشعبية، أو وصفات المشعوذين والدجالين؛ مما يعرض حياة الطفل للخطر أو للوفاة. كما أن الرضاعة الصناعية تسيء إلى الطفل وتسبب حرمانه من المناعة الطبيعية، إضافة إلى أن عدم ضبط المقادير المطلوبة من الحليب المجفف تسبب للطفل العديد من الأمراض.
والإهمال الصحي يبدأ منذ مرحلة الحمل، حيث إن سلوك الأم المنحرف؛ كتناول الكحول أو التدخين أو المخدرات أو عدم تناول الغذاء المناسب، كل ذلك يؤثر على نمو الجنين نفسيا وعقليا وجسديا.
ج ـ الإيذاء الجسدي:
وهو من أكثر أنماط الإيذاء شيوعا، إما بهدف التأديب أو بهدف التعذيب، ويشمل صورا كثيرة، فمن صوره: الحروق، والضرب، والقذف، والدفع، والحبس، والربط، والجروح..
ومشكلة ضرب الأطفال نادرا ما تواجه بالرفض الاجتماعي من قبل أفراد المجتمع حتى في الحالات الشديدة التي يقتضي الأمر اأخذ الطفل للمستشفى للعلاج عند اكتشاف بعض الإصابات الجسدية على جسده، جراء تعرضه للإيذاء من قبل أبويه.. وفي ظل غياب التنظيمات الرسمية في العالم العربي التي تدين مثل هذه السلوكيات فإن مثل هذه الأنماط من المعاملة سوف تزداد في الوقت الحاضر نتيجة العديد من الاعتبارات مثل زيادة الضغوط النفسية للوالدين جراء مشكلات العمل أو البطالة، أو من جراء تناول المخدرات أو المسكرات التي بدأت ترتفع نسبة تعاطيها.
أما عن الآثار المترتبة على الإيذاء الجسدي فان معظم الآباء الذين يقومون بضرب أطفالهم حاليا قد تعرضوا للعنف والضرب إثناء طفولتهم، حيث إنهم يمارسون المعاملة ذاتها التي تلقوها في صغرهم من أبويهم.
كما أوضحت دراسة (Hjorth;E Ostrov1988 C W ) التجريبية أنه عند مقارنة نتائج الاختبارات النفسية لمجموعة من الأطفال تعرض بعضهم للضرب والإيذاء الجسدي، في حين لم يتعرض البعض الآخر لمثل ذلك الإيذاء، اتضح أن الأطفال الذين تعرضوا للإيذاء والتعذيب الجسدي والنفسي قد حصلوا على درجات منخفضة فيما يتعلق في تصوراتهم نحو أنفسهم، كما أن نظرتهم إلى الحياة والمستقبل أقل تفاؤلا من زملائهم الذين لم يتعرضوا للإيذاء، وأن طموحهم المهني أقل بكثير من قرنائهم. إلى جانب أن نفسية الطفل الذي يتعرض للإيذاء الجسدي غالبا ما تكون محطمة؛ مما تجعله لا يستطيع مواجهة الحياة بالقوة ذاتها التي يكون عليه قرينه من الأطفال الذين لم يتعرضوا للإيذاء.
د ـ الإيذاء النفسي:
ويشمل هذا الإيذاء العديد من الأنماط، مثل: التحقير، والإهانة، والازدراء، والشتم.. الخ. ومشكلة الإيذاء النفسي لا تقل خطورة عن الإيذاء الجسدي إلا انه من الصعب جدا إثباتها، كما أن الأطفال أنفسهم لا يخبرون عن آثارها للآخرين بالرغم من تألمهم جراء ما تعرضوا له من إيذاء نفسي.
ولا تقتصر أنماط الإيذاء النفسي للطفل على توجيه الإيذاء المباشر له؛ بل قد تمتد لتشمل المحيطين به، فإيذاء الأشخاص المقربين إليه كأمه يُوجد لدى الطفل العديد من المشاعر السلبية التي تبقى أثارها لفترة طويلة في نفسه وشخصيته لفترة طويلة.
هـ ـ الإيذاء الجنسي:
ويتضمن أي اتصال أو تفاعل بين الطفل وشخص راشد يستغل فيه الطفل بإثارة الشخص الراشد جنسيا أو شخص آخر.. وممارسة الجنس مع الأطفال لم يعد قاصرا على الشواذ، بل أصبح ظاهرة عالمية يعاني منها الأطفال في مختلف بلدان العالم.
كيف يمكن التعرف على الحالة التي تعرض فيها الطفل للإيذاء الجنسي؟
هناك بعض التغيرات أو المؤشرات التي تظهر على الطفل تكون ذات أهمية في التعرف على ما يتعرضون له من أهمها:
1ـ الاضطرابات العامة:
* اضطرابات النوم.
* اضطرابات الأكل.
* كراهية أو الخوف من بعض الأفراد.
* الصداع.
* مشاكل في المدرسة.
* الجنوح.
* تعمد إيذاء النفس.
* الشكوى من الآلام.
* الانسحاب من الأصدقاء والأنشطة التي كانت محببة لديه.
* الاستحمام الكثير أو الإهمال المتعمد للصحة.
* القلق.
* الاكتئاب.
* السلوك الجنسي غير المعتاد من مثله.
2ـ المؤشرات المحددة فمنها:
* تقليد السلوك الجنسي للكبار.
* اللعب الجنسي مع الأطفال الآخرين أو مع ألعابهم.
* إظهار معرفة جنسية، سواء لفظيا أو سلوكيا لا تتناسب مع من في مثل عمره.
* آلام غير طبيعية: مثل الانتفاخ في البطن للطفلة، أو النزيف من الأعضاء الجنسية، أو التهابات الفم، أو المناطق الحساسة، كالأعضاء الجنسية، أو الالتهابات البولية، أو ظهور أعراض بعض الأمراض الجنسية.
أهم المشاعر والانفعالات التي تعتري الطفل الذي يتعرض للإيذاء الجنسي:
* الخوف من المعتدي أن يسبب بعض المشاكل من فقدان بعض الأشخاص المحببين له.
* الغضب نحو المعتدي والآخرين من حوله ممن لم يقوموا بحمايتهم نحو أنفسهم.
* العزلة؛ لاعتقاده أن هنالك خطأ في نفسه، أو بسبب شعوره بالمعاناة وحده، أو بسبب أنه يشعر بعدم قدرته على التحدث عما يعاني منه.
* الحزن لشعوره أن كرامته أخذت منه، أو شعوره بخيانة من وثق به.
* الشعور بالذنب؛ لعدم مقدرته على صد الإيذاء، ولاعتقاده أنه ساير المعتدي؛ لذلك تعرض للإيذاء.
* الشعور بالخجل أو العيب لكونه تورط في هذه الخبرة غير السارة؛ لأنه تفاعل جسديا مع الإيذاء الجنسي.
* الارتباك والحيرة بسبب أنه قد يستمر في محبة المعتدي؛ رغم سلوكه الشائن بسبب تغير مشاعره وعدم استقرارها.
الآثار المترتبة على الإيذاء والاستغلال الجنسي:
1ـ فقدان الطفل ثقته بالكبار، حيث يصبح الكبار في نظره أشخاصا مبتزين لا هم لهم إلا المتعة؛ مما يجعله قاسي القلب لا يعرف من الحياة إلا الاستغلال، وقد يقوده إلى ممارسة الشيء ذاته مع الآخرين عندما يكبر.
2ـ ما يتعرض له الطفل من ضغوط نفسية جراء استغلاله جسديا وجنسيا، تجعله أكثر عرضة للإصابة بالإحباط والاكتئاب، وربما يقوده ذلك للانتحار، أو ربما يجعله أكثر ممارسة للعنف والجريمة.
3ـ ممارسة البالغين الجنس مع الأطفال يقلل من إحساسهم بالشفقة تجاه هؤلاء الأطفال؛ مما يساعد على تفشي العنف في المجتمع الإنساني.
4ـ إن هذا النوع من الاستغلال يفقد الطفل كرامته وإحساسه بإنسانيته؛ مما يجعله يصاب بالإحباط والاكتئاب، إضافة إلى إنه لا يستطيع مواصلة تعليمه؛ مما يجعله غير قادر على الحصول على فرص عمل مناسبة.
كيف يمكن حماية الأطفال من التعرض الجنسي:
يمكن للآباء أن يعلموا أطفالهم كيف يستعدون لمواجهة محاولات الإيذاء، وإخبار ذويهم عما يتعرضون له؛ لأنه من الصعب أن يتواجد الآباء مع أطفالهم في كل مكان وزمان.. ويكون ذلك عن طريق تعليمهم وتربيتهم على التالي:
1ـ أن يشعروا بأهميتهم والمحبة والتقدير، وأنهم يستحقون الرعاية والأمن في كل الأحوال.
2ـ أن يعرفوا الفرق بين اللمس أو الاتصال الجسدي الآمن من غير الآمن.
3ـ أن يتعودوا أن قواعد السلامة هذه مهمة مع كل الراشدين، وليس مع الغرباء فقط.
4ـ أن أجسادهم هذه ملك لهم، وليس لأحد حق الاعتداء عليهم.
5ـ أن يكون لديهم الثقة في قول (لا) في أي موقف مريب، أو لا يشعرون فيه بالراحة.
6ـ أن يخبروا والديهم عن أي شخص يطلب منهم الاحتفاظ بالسر مهما كان.
7ـ أن بعض الراشدين لديهم انحرافات وينبغي الحذر منهم.
8ـ أن تشعر طفلك أنه ليس سيئا، أو أنه السبب حينما يتعرض للإيذاء.
كيف يتصرف الأهل لو حصل لطفل من أطفالهم اعتداء جنسي؟
1ـ الاحتفاظ برباطة الجأش، وتذكر أن الطفل قد يفسر الغضب الظاهر من الأهل أنه موجه إليه.
2ـ تصديق الطفل في أغلب الأوقات؛ لأن الأطفال لا يكذبون حول الإيذاء الجنسي.
3ـ إعطاء الطفل مؤازرة أو تدعيما إيجابيا كالشد على يده.

4ـ الحرص على أن يشعر الطفل أنه غير مسؤول عما حصل، أو يتعرض للوم أو يخبر بأنه هو السبب فيما حدث.
5ـ الحرص على عرض الطفل على المختصين من الأطباء والأخصائيين النفسيين إن تطلب الأمر ذلك.
6ـ ألا يواجه المعتدي بحضور الطفل، بل يبلغ الجهات المختصة للقيام بذلك.
7ـ الاستماع للطفل والإجابة على أسئلته بكل صدق.
8ـ احترام حق الطفل في أن يكون له خصوصية، والمحافظة على سرية ما يخبر والديه به، بحيث لا يخبر من ليس ضروريا أن يعرف ما حدث.
9ـ ألا يظهر الهلع أو يصدر منه رد فعل غير عقلاني حتى يستطيع الطفل الاعتماد عليه في تجاوز محنته.
وـ الاستغلال الإعلامي للأطفال:
من مظاهر إيذاء الأطفال الاستغلال الإعلامي للأطفال، حيث أصبح الأطفال جزءا مهما من أي إعلام تجاري سواء كان إعلاما تلفزيونيا أو ملصقا.. وقد ظهر هذا النمط من الاستغلال مؤخرا كأحد أساليب الجذب التجاري.
وتبرز المشكلة في مثل هذا النوع من النشاط التجاري أن الأطفال لا يكون لهم حرية الخيار بقبول أو رفض مثل هذا النوع من الإعلانات، كما أن بعض هذه الإعلانات يمثل مشكلات أخلاقية وأمنية وصحية، كتصوير الطفل الرضيع في حال عري تام، أو قيام بعض الأطفال بتجريب بعض المنتجات الغذائية أو الصحية أو القيام ببعض الحركات...الخ.
كما يمثل هذا النمط من السلوك في التأثير على زيادة الاستغلال لدى الأطفال، وتشجيعهم على شراء العديد من السلع التي يعلن عنها التي تؤثر على ميزانية الأسرة، كما يساعد على تدعيم النمط الاستهلاكي لدى الأطفال. ومن جانب آخر أنه يدعم فكرة بيع الذات لدى الأطفال وذلك بأن يتقبل الأطفال في سن مبكرة من حياتهم فكرة أداء أي عمل مقابل المال، ولو كان ذلك على حساب كرامتهم أو شرفهم أو قيمهم.
زـ التسول بالأطفال:
ومن أنماط سوء معاملة الأطفال ظاهرة استخدام الأطفال في التسول، وهي ظاهرة من أكثر الظواهر وأبرزها، حيث نشطت العديد من المنظمات السرية في تشغيلهم في أعمال التسول، وذلك بالتعاقد مع أسرهم مقابل عوائد مالية، أو عن طريق خطف الأطفال الرضع وتربيتهم في أماكن خاصة بتلك المنظمات وتشغيلهم لاحقا في التسول، وإما أن يكون ذلك عن طريق الأسر ذاتها التي تدفع بأطفالها إلى التسول..
وقد تمتد المشكلة إلى إحداث إعاقات دائمة بالطفل لجعله يبدو أكثر تأثيرا لاستدرار شفقة الآخرين. ومثل هذا النوع من النشاط لا يقتصر على قتل الجانب الإنساني للطفل ووأد كرامته وبراءته، بل يمتد إلى زيادة معدلات البطالة والأمية، كما يساعد على تكريس الجانب الاستغلالي في شخصية الطفل، هذا بالإضافة إلى زيادة المعاقين في المجتمع مما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية والإنتاجية للمجتمع.
ح ـ تشغيل الأطفال:
من أنماط سوء معاملة الأطفال تشغيلهم في المصانع والمؤسسات، باستغلالهم جسديا وماليا من أجل تحقيق أكبر قدر من الربح، إذ إنه في بعض الدول يعمل الأطفال ثنتي عشرة ساعة في اليوم ولا يتقاضون سوى مبالغ بسيطة.. ومما يزيد المشكلة سوءا أن الأطفال لا يستطيعون ترك تلك المصانع لحاجة أسرهم للأجور التي يحصلون عليها, أما وسائل السلامة فإنها غير متوفرة لهم مما تسبب بإصابات عديدة لبعض منهم.
ومن أنماط عمل الأطفال بيع الأطفال لبعض السلع البسيطة عند إشارات المرور أو مسح الأحذية والسيارات وغير ذلك.
ومن ابرز الآثار المترتبة على تشغيل الأطفال حرمانهم من التعليم وزيادة نسبة الأمية.
ثالثا: أسباب إيذاء الأطفال:
إن مشكلة إساءة معاملة الأطفال مشكلة إنسانية عامة، وهناك العديد من العوامل التي ساهمت في تنامي هذه الظاهرة نذكر منها ما يلي:
1ـ سلوك الطفل نفسه.. فهناك بعض الذين يتعمدون إثارة من حولهم وإزعاجهم لأسباب نفسية واجتماعية؛ فيثيرون أولئك الذين في محيطهم؛ مما يجعلهم يقعون تحت طائلة الإساءة.
2ـ وجود مشكلات نفسية في حياة الطفل، مثل: ضعف الثقة بالذات, والشعور بالإحباط, والعنف والاضطراب النفسي والانفعال؛ مما يجعل من حولهم غير قادرين على تحمل هذه الاضطرابات فيعمدون إلى إيذاء الطفل، أو الإهمال، أو غير ذلك.
3ـ طبيعة مرحلة المراهقة عند كثير من الأطفال تجعلهم يميلون إلى التمرد على معايير وقيم الأسرة والمجتمع؛ مما يعرضهم للإيذاء من قبل الراشدين المحيطين بهم.
4ـ افتقاد الكثير من الأطفال إلى المهارات اللازمة للتعامل مع محيطهم, وافتقادهم إلى أسلوب حل المشكلات، يجعلهم أكثر تعرضا للإيذاء من أفراد الأسرة وغيرهم.
5ـ وجود الطفل في بيئة لا تهتم به؛ مما يعزز عنده الشعور بالغضب؛ فيقوده إلى العنف الذي يقوده بدوره إلى إيذاء الطفل.
6ـ الصراع داخل الأسرة بين الأبوين أو بين أفراد الأسرة, فكثير ما يجعل أحد أفراد الأسرة يوقع الإيذاء بالطفل بهدف الانتقام من الطرف الأخر.
7ـ الإهمال الذي يتنج عنه تعرض الأطفال للإيذاء لغياب الرقابة والمتابعة من قبل الوالدين، أو شعور الطفل بأنه منبوذ؛ مما يجعله أكثر تعرضا لاستغلال الآخرين خارج الأسرة.
8ـ أساليب المعاملة من قبل الوالدين، كالقسوة الزائدة، أو التدليل الزائد، أو استخدام أساليب تعذيبية شديدة.
9ـ انتشار الفقر في العديد من بلدان العالم الثالث؛ مما يجعل الأسر والأطفال في تلك المجتمعات تضحي بأي شيء من أجل الحصول على لقمة العيش اليومية.
10ـ انتشار العديد من المصانع الدولية الكبرى في العديد من الدول الفقيرة؛ بهدف الحصول على العمالة الرخيصة المتوفرة في تلك البلدان مقارنة بالموطن الأصلي لتلك المصانع، ساعد على تفاقم المشكلة بما توفر تلك المصانع من فرص عمل بسيطة تمثل رافدا كبيرا لسكان المجتمعات الفقيرة، إلا أنها في الوقت ذاته تعد مسكنا ساهم في تخدير المجتمعات عن الإحساس بالواقع الاجتماعي والرغبة في تحسين الأوضاع العامة لمجتمعاتهم.
11ـ التوجهات السياحية للعديد من المجتمعات الفقيرة، ومحاولتها تقديم أي محاولات تسهيلية وخدماتية, لجلب السائحين من الدول الغنية، أدى إلى تجاهل العديد من الأقطار للكثير من التجاوزات الأخلاقية؛ بهدف الحصول على المال؛ مما يغرى الأطفال في الانخراط في هذه الأنشطة.
12ـ انتشار استخدام الكحول في العديد من المجتمعات العالمية؛ مما ساهم في زيادة مشكلات العنف العائلي, والتفكك الأسري, كما ساهم في زيادة تعذيب الأطفال واستغلالهم من قبل أسرهم، إما تحت تأثير تلك المؤثرات, أو بهدف التخلص منهم، أو استخدامهم كوسائل لجمع الأموال.
13ـ انتشار وسائل التقنية الحديثة, مثل القنوات الفضائية والإنترنت التي ساهمت في تفاقم العديد من مشكلات الاستغلال الجنسي والإباحي للأطفال.
14ـ ساهم التوجه الاقتصادي العالمي والمنافسة الدولية في إحداث صراع تجاري وحرب إعلانية واسعة بين الشركات التجارية في كافة أنحاء العالم؛ مما جعل العديد من تلك الشركات توظف كافة إمكانياتها لتحقيق الأرباح المالية، حتى ولو كان ذلك على حساب الأطفال، أو استغلالهم تجاريا أو إعلانيا.

رابعا: سبل مواجهة مشكلة إيذاء الأطفال:
نظرا لأهمية ظاهرة إيذاء الأطفال وقلة الدراسات حولها، إضافة إلى عدم وجود مؤسسة اجتماعية محددة تتولى متابعة هذه الظاهرة، وتقديم الرعاية لضحاياها، فإنه يمكن طرح بعض المقترحات لمواجهة هذه الظاهرة وهي كما يلي:
1ـ بث التوعية الشاملة بين الأهالي والمربين عن الطرق الصحيحة التي يجب أن تتبع في تربية الطفل، إلى جانب تعريف الناس بطبيعة نفسية الطفل وكيف يمكن التعامل مع أشكالها المختلفة بشكل صحيح.
2ـ العناية بإنشاء مؤسسات معتبرة خاصة بالوالدين والمربين تعنى بتعليمهم طرق اكتساب صفات المربي الناجح، والتدريب عليها.
3ـ إجراء الدراسات المسحية والتحليلية المتعمقة عن ظاهرة إيذاء الأطفال في المجتمع الإسلامي بشكل دوري.
4ـ أن تتبنى إحدى المؤسسات الاجتماعية إنشاء مركز وطني له صفة اعتبارية مستقلة، تكون مهمته متابعة المشكلات التي يواجهها الأطفال مما له علاقة بأنماط الإيذاء، وذلك من خلال الدراسة والبحث العلمي والتدخل المهني، على أن تعطى هذه المؤسسة صلاحيات واضحة في الوصول إلى جميع البيانات التي تجمعها الجهات الأخرى (مثل وزارة الداخلية، والصحة، والعدل، والتربية والتعليم، والعمل والشؤون الاجتماعية) عن أوضاع الأطفال وخاصة ماله علاقة بالعنف ضد الأطفال بشتى صوره.
5ـ الاهتمام بإيجاد ميثاق وطني لحماية الأطفال يعتمد على ما ورد في الكتاب والسنة من مبادئ، على أن تكون بنوده واضحة ومحددة تتيح لمؤسسات الضبط الاجتماعي التعامل مع حالات الإيذاء بصورة مهنية تأخذ في الحسبان مصلحة الطفل، مع أهمية إلزام عقوبات واضحة لمن يتساهل في القيام بهذه المهمة، سواء من الأطباء أو المعلمين أو المرشدين أو الممرضات والأخصائيات الاجتماعيات في المدارس والمستشفيات ودور الرعاية المختلفة.
6ـ أن تكون هناك برامج سريعة للتعامل مع حالات الإيذاء من خلال رقم تلفوني مجاني للوصول إلى الأطفال الذين يتم التبليغ عن تعرضهم للإيذاء واتخاذ الإجراءات اللازمة، حتى لو وصل الأمر إلى سحب الطفل من ولي الأمر وإيداعه في المؤسسات المناسبة.
7ـ ينبغي أن توجد إستراتيجية وطنية عملية للتعامل مع الظاهرة على مستوى الأفراد والأسر والفئات الاجتماعية والمؤسسات والجهات الرسمية وغير الرسمية، بحيث يتم التركيز على العمل التكاملي من خلال توزيع المهام وفق خطط مرحلية تتعاون فيها الجهات المختصة والمراكز البحثية في الجامعات وغيره على الحد من تفشي هذه الظاهرة.
8ـ ينبغي أن يشترك خطباء المساجد في التوعية الدينية حول هذه الظاهرة خاصة وأن الدين الإسلامي قد اهتم برعاية الطفل وحمايته من جميع الجوانب، كما اهتم بوضع حقوق محددة للمحافظة على سلامته وصحته النفسية والاجتماعية والتربوية.
9ـ دعم المؤسسات الخيرية في كافة أقطار العالم الإسلامي لمحاربة الفقر والبطالة، وتنظيم الجمعيات وزيادة أعدادها وتفعيلها؛ لاحتواء مشكلة الفقر، ومساعدة الأسر الفقيرة.
10ـ ضرورة إنشاء منظمات إسلامية تعنى بحقوق الطفل المسلم، ومنح تلك المنظمات الصلاحيات القانونية والتنظيمية لاتخاذ القرارات المناسبة لمساعدة الأطفال والدفاع عن حقوقهم.

أهم المراجع:
1ـ "ظاهرة إيذاء الأطفال في المجتمع السعودي" إعداد الدكتور سعد بن سعيد الزهراني ـ وزارة الداخلية ـ مركز أبحاث مكافحة الجريمة ـ الرياض ـ1424هـ
2ـ سوء معاملة الأطفال واستغلالهم غير المشروع ـ أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية ـ الرياض ـ1422هـ.

 أطبع أرسل لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6356900 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة