فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

الفتيات "يعملن" والآباء "يفوزون" بالرواتب

القراء : 7358

جازان: خالد جعوني
الأبوة " محبة ورعاية"، والأخوة "ألفة وتعاون"، والزواج "مودة ورحمة".
ثلاثة أشكال من العلاقات الإنسانية شرعها ديننا الحنيف، وصانتها قيمنا الدينية والاجتماعية قرونا طويلة، باعتبارها "نعمة" ينبغي أن تدوم.
قلة في المجتمع أحالت بطمعها وجشعها ـ وربما غياب وعيها ـ هذه النعمة إلى "نقمة".
فبعد سنوات من الانتظار "تتلقف" أي فتاة "فرصة" العمل بشغف وشوق، وإصرار على النجاح، وإثبات الذات.
ومع أول راتب "تصطدم" كثيرات بأول "معول" هدم. المؤلم أن الصدمة تأتي من قريب: قد يكون أبا، أو أخا، أو زوجا.
لا يمانع أحدهم في أن "تعمل" الفتاة، لكنّ كلا منهم يشترط أن "يفوز" هو براتبها.
مع أول راتب تجد الفتاة نفسها محاصرة بالمطالب والضغوط، فإما أن تتنازل وتتحمل الديون عن غيرها أو تعاني قطيعة الأب، وعدم الاستقرار الأسري مع الزوج.
ستحاول عدة مرات أن تقاوم.. لكن تجارب الواقع أثبتت حقيقة أنها سرعان ما تُذعن لضغوطات الأب أو الزوج.. وويل لها لو حاصرتها أطماعها معا في آن واحد.
حالات تتزايد حتى أوشكت أن تتحوّل إلى ظاهرة في بعض المناطق، الأمر الذي يدعو إلى تكثيف الجهود لفض هذا الاشتباك الذي جعل المرأة تعمل فقط وتتكبد الديون، وغيرها يفوز براتبها، بينما الشباب يزداد عزوفا عن الزواج من امرأة "مدينة".
علماء الدين أكدوا أن راتب المرأة "حق شخصي" لها، وليس لأحد أن يتصرف فيه دونها مهما كانت درجة قرابته. وشددوا على أنه لا يجوز إقحام المرأة في "ديون" تُعرّضها لملاحقة السلطات وتهددها بالسجن.
وطالبوا بتوعية الآباء بحقوق بناتهم، وضرورة حمايتها، وعدم إجبارهن على التنازل عنها. وحذروا من أن البعض يعتبر المرأة الموظفة "صيدا ثمينا"، ويستغل عزوفها عن الشكوى لصالحه. كما حذروا من أن سلوكيات بعض الآباء والأزواج وراء سوء الحالة النفسية لكثير من الفتيات.
فمَن يِقدر على فضّ هذا الاشتباك؟.. التحقيق التالي محاولة للإجابة عن هذا السؤال.
في البداية يؤكد عدد من الأزواج المرتبطين بزوجات موظفات أنهم يعيشون في دوامة من المشاكل مع آباء زوجاتهم بسبب "الراتب" فهم يرون أنهم الأحق به، ويحاولون الاستيلاء عليه بوسائل مختلفة.
أما الزوجات فيقفن عاجزات أمام إصرار آبائهن على تكبيدهن الديون وسداد الأقساط نيابة عنهم عدة سنوات، حتى لا تتاح لإحداهن فرصة لإعطاء الزوج شيئا من أموالها. وبعض الأزواج يفعلون الشيء نفسه.. والمحرومة دائما هي المرأة صاحبة الحق.
افتعال المشاكل
"عيسى. ف" تَقدَّم للزواج من فتاة متخرجة في كلية البنات بجازان.. وبعد إتمام الزواج بنحو ستة أشهر تسلّمت عملها، فبدأ والدها في افتعال المشاكل بهدف الاستيلاء على راتب ابنته، مؤكداً أن راتبها من حقه هو.
ويؤكد عيسى أنه بعد فترة وجيزة سحب الأب بطاقة الصرافة الخاصة بابنته، ولم يكتف بذلك بل طالبه بطلاقها بعد أخذها من منزل الزوجية بدون سبب.
ويشير إلى أن زوجته كانت تؤكد دائما أنها لا تستطيع اتخاذ أي موقف يحفظ لها حقها في راتبها خوفا من غضب والدها.
ويقول: اضطررنا للتنازل عن بطاقة الصراف الآلي الخاصة براتب زوجتي لصالح أبيها، درءًا للمشاكل، وحتى نتمكن من العيش معا بسلام، مكتفين بمبلغ ألفي ريال يسلمها الأب لابنته كل شهر.
تهديد بالمقاطعة!
أما "عبدالله. ح" فقد تزوج من ابنة عمه التي تعمل معلمة، وتتقاضى راتباً شهريا قدره 6200 ريال.
ويقول: زوجتي تسدد شهريا قسطي سيارتين لوالدها، ولا يتبقى لها من راتبها سوى 2800 ريال، مشيرا إلى أنها مستمرة في سداد تلك الأقساط منذ ثلاث سنوات ونصف.
ويضيف أنه لا يستطيع عمل أي شيء للحفاظ على حق زوجته في راتبها، نظراً لحساسية الموقف، مؤكداً عدم رضا زوجته عن ذلك الوضع بأي شكل.
مفرح بكري يؤكد أن والد زوجته، التي تعمل معلمة، طالبها بشراء سيارة من نوع "جمس" عن طريق أحد البنوك، إلا أنه رفض ذلك بإصرار حتى لا تتعرض زوجته إلى مشاكل بسبب الديون.
ويشير إلى أنه أمام إصرار الأب اقترح عليه أن يقوم هو بشراء السيارة بدلا من زوجته، على أن يقوم الأب بدفع أقساطها، لكن الأب رفض ذلك، وغادر منزلهما غاضباً، مهدداً بمقاطعة ابنته.
ويضيف مفرح أنه بعد فترة من الوقت اضطرت زوجته إلى الخضوع لرغبة أبيها وشراء السيارة من راتبها، على الرغم من اقتناعها التام بعدم حاجة أبيها للسيارة، وقد أجبرها على ذلك حرصها على إرضاء والدها.
موقف محرج
أما عبده حيدر، من محافظة "بيش"، فقد فوجئ بوالد زوجته عند كتابة عقد زواجه يشترط عليه أمام الحضور عدم أخذ أي مبلغ من راتب ابنته مهما كانت الأسباب، مطالبا بتوثيق ذلك في العقد.
ويضيف أن شرط والد زوجته كان مفاجئا، الأمر الذي جعله في موقف محرج للغاية أمام الجميع، فلم يجد أمامه سوى التزام الصمت.
يقول: في الوقت الحالي لا أسأل زوجتي عن راتبها، فهي تعطي والدها ما تريد، وتحتفظ لنفسها بما تشاء دون أي تدخل مني.
ويجزم فتح الدين عبده "متقاعد" بأن بعض حقوق المرأة في مجتمعنا ما زال مسلوبا على الرغم من أحقيتها الشرعية في تلك الحقوق. ويضيف أن المرأة ليست قادرة على الكلام، أو البوح بما تواجهه من متاعب وآلام.
ويؤكد أنه عند الحديث عن راتب البنت أو الزوجة "الموظفة" قد تصطدم هي بأن ولي أمرها، الوالد أو الزوج، يرى أحقيته في مشاركتها في هذا الراتب، مشيرا إلى أن المجتمع لا يسمح لها بالحديث، الأمر الذي يجعل الأب يتمادى، وقد يلجأ في بعض الأحيان إلى طرق انتهازية.
دراسة المشكلة
الدكتور زراق بن عيسى الفيفي وكيل كلية العلوم بجامعة جازان يشدد على ضرورة عمل استفتاء بين النساء العاملات في مقار أعمالهن لتحديد مدى انتشار هذه القضية بين الآباء وبناتهم، ومعرفة حجم المشكلة بدقة.
ويضيف أنه بعد تحديد أبعاد تلك القضية وأسبابها يسهل النظر في الحلول والمعالجات التي قد تشمل تنظيم محاضرات ودروس توعية يشرف عليها المشايخ والأئمة في المساجد.
ويجزم بأن هناك حاجة ملحة إلى توعية الآباء بحقوق بناتهم، وضرورة حمايتها، وعدم إجبارهن على التنازل عنها، وذلك للحفاظ على "نفسيات" بناتهم، وضمان استقرار الأسرة.
حرج اجتماعي
النقيب أحمد الودعاني الناطق الإعلامي لشرطة منطقة جازان يلفت إلى أن استغلال الزوج أو الأب لراتب الزوجة أو البنت، والسيطرة عليه، والتمتع به، يندرج ضمن القضايا الحقوقية الإنسانية والمشكلات الأسرية.
ويقول: هذه الظاهرة موجودة، لكنها تبدو شبه متلاشية على المستوى المحلي في منطقة جازان، لعدم استطاعة الفتيات التقدم بالشكاوى نظرا للحرج الاجتماعي الذي سوف يواجهنه، فليس هناك شكاوى من قِبَل الموظفات، أما على المستوى العام في بقية مناطق المملكة فالظاهرة واضحة وملموسة.
وأرجع الودعاني تفشي تلك الظاهرة، في بعض المناطق، إلى استغلال بعض الآباء والأزواج للمرأة، واعتبارها وسيلة تجارية سهلة ومربحة لهم، خاصة العاطلين منهم، حيث تعتبر المرأة الموظفة في نظر الكثيرين صيدا ثمينا من كل الجهات، وكل ذلك يؤدي إلى تحلل الجانب الأسري.
أمراض نفسية
أما الدكتور رشاد السنوسي استشاري الطب النفسي بمستشفى الملك فهد بجازان فيفسر ما يقوم به بعض الآباء من استيلاء على أموال بناتهم قبل وبعد الزواج بأنه يعود إلى شعور هؤلاء الآباء بأنهم يمتلكون تلك الأموال.
ويرى أنه من المقبول والمشروع أن يأخذ الأب من مال ابنته على أن يكون ذلك حسب حاجته، ووفق قدرتها، لافتا إلى أنه في بعض الظروف يكون الأب من الشخصيات المتسلطة، فيمارس الشدة أو الاحتيال أحياناً للاستيلاء على راتب ابنته رغم عدم حاجته إليه.
ويبرز تأثير تسلط الأب أو الزوج على الحالة النفسية للبنت أو الزوجة بقوله: إن المرأة تشعر بمزيج من الخوف والقلق في مواجهة الأب، حتى لا تتهم بالعقوق أو يهجر والدها، إضافة إلى شعورها بأنها غير قادرة على التحكم في مالها والاستفادة منه على الرغم من أنها تبذل الجهد يوميا للحصول عليه، وقد تكون محتاجة إليه فعلاً هي وأسرتها، ويزيد هذا التأثير النفسي الشديد عندما لا يستوعب الزوج موقف زوجته فيضغط عليها بالمقابل، وهنا تكون الضحية هي الزوجة.
مصارحة ومعالجة
ويجزم الدكتور السنوسي بأن الحل الأفضل لهذا الموضوع هو المصارحة والمعالجة بحكمة ورفق، نظراً لحساسيته الشديدة، وحتى لا يتسبب في المقاطعة بين الزوجة وأهلها.
وينصح بإدخال طرف ثالث ذي تأثير على الأب، لإيجاد حل وسط يخفف معاناة الزوجة، ويعيد لها حقها أو "بعضه"، مشيرا إلى الزوجة تحتاج إلى مزيد من التحمل والصبر إذا فشلت الحلول المطروحة.
كما تحتاج أيضاً إلى محاورة زوجها ومصارحته بحيث يكون داعما لها، ومستوعبا لموقفها تجاه والدها، وكذلك العكس إذا حصل هذا الأمر من الزوج.
حق القرابة
الدكتورة عائشة زكري عميدة كلية التربية للأقسام العلمية بجامعة جازان ترى أنه إذا كان ولي أمر الفتاة يعاني من ضعف في دخله المادي فمن حق القرابة أن تعطيه ابنته جزءا من راتبها دون الاستيلاء عليه كاملا.
وتضيف أنه على ولي الأمر التحلي بالرأفة والرحمة بالفتاة، خاصة إذا كان والدها، وذلك بأن يعينها على برّه بعدم تكليفها مالا يطاق.
وتؤكد أن تفهم أولياء الأمور لهذا الأمر يعتمد اعتمادا كبيرا على مدى الوعي والثقافة، فليسوا جميعا يدركون أن هذا الراتب حق للمرأة، وأن لها حرية التصرف في إنفاقه على نفسها أو بيتها وأولادها أو حتى زوجها بما يضمن لها حياة آمنة مستقرة، خاصة أننا في عصر أصبحت فيه الكماليات من الضروريات.
وتشدد على أن جمعية حقوق الإنسان يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في هذا الجانب دون الخوض في مشاكل بين الطرفين للمحافظة على العلاقة الحميمة بين المرأة وولي أمرها، دون اللجوء إلى القضاء والمحاكم، كما يفعل البعض، وذلك من خلال تقريب وجهات نظر الطرفين، وتكثيف حملات التوعية للحد من هذه الظاهرة.

حق شخصي
الشيخ علي شيبان العامري رئيس المحكمة الجزئية بمنطقة جازان يجزم بأن راتب المرأة حق شخصي لها، وليس لأحد أن يتصرف فيه دونها مهما كانت درجة قرابته، خاصة أن الراتب مقابل عملها الوظيفي.
ويقول: الواجب على الزوج والولي الترفع عن أخذ راتب المرأة، وتركه لها تتصرف فيه حسب رأيها لمصلحتها، لأن المرأة ضعيفة، والإسلام يحث على حفظ حقوقها، والواجب تنمية هذا الراتب لها لا استقطاعه منها لكي تستفيد منه عند عجزها هي ومن تعول.
ويشدد على أن تعمّد بعض الأولياء تحميل المرأة الموظفة ديونا على راتبها لكي يضمن استقطاعه لمصلحته أمر غير جائز. كما لا يجوز لبعض الأزواج أن يحملوا زوجاتهم الموظفات ديونا على الراتب.
ويشير إلى أن بعض الأزواج قد يُحمّل المرأة الموظفة إذا كانت زوجة له ديونا باهظة، فإذا اختلف معها طلّقها وهي مثقلة بتلك الديون، وهذا ظلم لا يقره الشرع، والظلم ظلمات يوم القيامة.
تصرف خاطئ
ويصف الدكتور عبدالرحمن عمر المدخلي مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة جازان إقحام بعض الآباء والإخوة البنات في ديون طويلة الأجل بأنه "تصرف خاطئ"، وغالباً ما يكون لتلبية بعض الكماليات.
ويلفت إلى أن نبينا صلى الله عليه وسلم أوصانا بالنساء خيراً فقال: "استوصوا بالنساء خيراً" وما ذلك إلا لضعفهن، وعدم قدرتهن على مناهضة الأب أو الأخ المتجبر.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم "إني أُحرّج حق الضعيفين المرأة واليتيم".
ويضيف أنه على الأولياء ألا يوقعوا من تحت أيديهم من النساء في شباك الديون، فكم من امرأة عملت عشرات السنين ولا تجد من راتبها شيئاً إلا ما أكلت أو لبست أو أعطيت، وربما رغب الشباب عن البنات اللاتي تحملن الديون، فيكون ذلك من أسباب العنوسة.
ويقول: إذا طابت نفس البنت لتعطي أباها أو أخاها دون ضغط أو إكراه فلا حرج، فإن الله تعالى ذكر المهر وأمر بأن يُعطى للنساء يتملكنه، وأخبر عز وجل أن المرأة لو طابت نفسها فأعطت وليها من المهر فلا حرج على الولي، يقول تعالى "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا".
وهناك حالات أخرى تتمثل في رغبة بعض الشباب في الزواج من بعض البنات بسبب المال الذي تملكه المرأة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة تنكح لأربع: لمالها ونسبها وجمالها ودينها، ثم قال: "فاظفر بذات الدين تربت يداك".
ويلفت إلى أنه على الولي أباً كان أو أخا أو زوجا المحافظة على مال المرأة التي تحت يده، وأن يتعفف عنه قدر المستطاع، وإن احتاج فإنه يأخذ ما كان عن طيب نفس، وبدون تبذير للمال أو إسراف له.
ويقول: لا يحل له أن يزج بالمرأة في ديون تبقى في ذمتها، وقد يعرضها ذلك في يوم من الأيام لملاحقة السلطات، وربما السجن بسبب عدم الوفاء بتلك الالتزامات الطويلة والديون المثقلة.

 أطبع التحقيق أرسل التحقيق لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6357795 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة